كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

وهو قول الحكم (¬1) والسدي، قالا: ({وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} من قبل الحق؛ أصدهم (¬2) عنه وأشككهم فيه، {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} من قبل الباطل أخففه (¬3) عليهم، وأزينه لهم، وأرغبهم فيه).
وقال (¬4) في رواية العوفي: (أما {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} فمن قبل حسناتهم، وأمما {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} فمن قبل سيئاتهم).
وهو قول قتادة، قال: ({وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} من قبل حسناتهم بَطَّأَهم عنها {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله) (¬5).
قال أبو بكر: (وقولُ من قال: (الأيمان كناية عن الحسنات، والشمائل كناية عن السيئات) حسنٌ؛ لأن العرب تقول: اجعلني في يمينك، ولا تجعلني في شمالك، يريد اجعلني من المقدمين عندك،
¬__________
(¬1) سبق تخريجه عن الحكم والسدي.
(¬2) في (ب): (اصدقهم)، وهو تحريف.
(¬3) في (ب): (أحققه)، وهو خلاف ما في المصادر.
(¬4) أي ابن عباس من طريق عطية العوفي. وقد سبق تخريجه. وأيضًا أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 136 بسند جيد عن علي بن أبي طلحة.
(¬5) سبق تخريجه، وذكر النحاس في "معانيه" 3/ 16 - 18 نحوه عن الحكم بن عتيبة. وقال: (هذا قول حسن وشرطه أن معنى {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من دنياهم حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار والأمم السالفة {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من آخرتهم حتى يكذبوا بها، {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} من حسناتهم وأمور دينهم، ويدل على هذا قوله تعالى: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات: 28] {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} يعني: سيئاتهم أي: يتبعون الشهوات لأنه يزينها لهم) اهـ.

الصفحة 54