كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

وقوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.
قال: لم أمره بالإعراض عنهم مع وجوب النكير عليهم بما يردعهم عن جهلهم؟ قيل: إن هذا في حال اليأس من صلاحهم، فيعمل على طريق الاستخفاف بهم، وصيانة النفس عن مقابلتهم (¬1) على سفههم (¬2).
قال عكرمة: (لما نزلت هذه الآية قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا جبريل ما هذا؟ " قال: "لا أدري حتى أسأل", فذهب، ثم رجع فقال: (يا محمد إن ربك يقول: هو أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك") (¬3) وتفسير جبريل (¬4) عليه السلام لهذه الآية موافق لظاهرها لأن في وصل القاطع عفوًا عن جريمة القطيعة، وإعطاء المحارم من جملة المعروف، والعفو عن الظالم إعراض عن جهله وظلمه.
¬__________
(¬1) في (ب): (عن).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" 9/ 156، و"النا سخ والمنسوخ" للنحاس 2/ 364.
(¬3) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 246، والطبري 9/ 155، وابن أبي حاتم 5/ 1638 بسند جيد عن أمي بن ربيعة المرادي وهو مرسل، وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 308: (هو مرسل على كل حال، وقد روي له شواهد من وجوه أخر فقد رواه ابن مردويه مرفوعاً عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة) اهـ.
وقال ابن حجر في "الفتح" 8/ 306، وفي "الكافي الشاف" ص 66: (رواه الطبري مرسلًا وابن مردويه موصولاً من حديث جابر وقيس) اهـ.
وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 628، وزاد نسبته: (إلى ابن أبي الدنيا وابن المنذر وأبي الشيخ) اهـ.
وأخرجه السمرقندي 1/ 590 عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكره الماوردي 2/ 288، عن ابن زيد، وذكره الرازي 15/ 96 عن عكرمة، وانظر مرويات الإمام أحمد في "التفسير" 2/ 228.
(¬4) ذكره الرازي 15/ 96، عن أهل العلم.

الصفحة 541