كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

أي: ينزلونني بالمنزلة الخسيسة) (¬1)، وروى الأزهري في هذه الآية عن بعضهم: ({مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} أي: لأغوينهم حتى يكذبوا بما تقدم من أمور الأمم السالفة، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} بأمر البعث، {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} أي: لأضلنهم فيما يعملون؛ لأن الكسب يقال فيه: (ذلك بما كسبت يداك) وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئًا؛ لأن اليدين هما الأصل في التصرف، فجعلت مثلًا لجميع ما عمل بغيرهما) (¬2).
وقال ابن الأنباري: (على هذا القول: {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} أي: أزهدهم فيما ينبغي أن يعملوا له مما يكسبهم ثواب ربهم، قال: والعرب تذكر (الأيمان) و (الأيدي) عند العمل والفعل فيقول: جنت عليه يده، وكسبت يده، فلما كان ذكر الأيدي مستعملًا في الأفعال والأعمال اكتفى الله تعالى بها من الأفعال) (¬3)، وقال آخرون: (ذكر الله تعالى هذه الوجوه للمبالغة في التوكيد، أي: ثم لآتينهم من جميع الجهات)، وهو اختيار أبي إسحاق؛ قال: (الحقيقة -والله أعلم- أي: أنصرف لهم في الإضلال من جميع جهاتهم) (¬4).
¬__________
= -بالفتح- بنو أمهات شتى من رجل واحد لأن الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها ناهل ثم عل من هذه، انظر: "اللسان" 5/ 3080 (علل).
(¬1) ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 41، عن الأنباري.
(¬2) "تهذيب اللغة" 4/ 3985. وذكره عن البعض الزجاج في "معانيه" 2/ 325، وصاحب "اللسان" 8/ 4969 (يمن).
(¬3) لم أقف عليه. وانظر: "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري 1/ 356، ص 379.
(¬4) "معاني الزجاج" 2/ 324، وهذا هو اختيار جمهور المفسرين منهم الطبري في "تفسيره" 8/ 137، والنحاس في "إعراب القرآن" 1/ 603، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 447، وقال القرطبي 7/ 176: (ومن أحسن ما قيل في تأويل الآية؛ =

الصفحة 56