كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

فالمأموم ينصت إلا عن الفاتحة. للخبر، على أنا نقول: إن جاز لغيرنا أن يُعدّي الآية إلى غير السبب النازل فيه جاز لنا أن نأوّلها بما ذكره أبو إسحاق، وهو أنه قال: (يجوز أن يكون: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (¬1) اعملوا بما فيه، {وَأَنْصِتُوا} لا تجاوزه إلى غيره؛ لأن معنى قول القائل: سمع الله دعاءك تأويله: أجاب الله دعاءك، وفعل ما أردت؛ لأن الله عز وجل سميع لم يزل) (¬2)، وعلى هذا فلا معنى لترك القراءة في الآية وليست الآية من ترك القراءة في شيء.
وذهب قوم من أهل الظاهر (¬3) إلى أن هذه الآية عامة، ويجب الإنصاف لقارئ الطريق، ومعلم الصبيان، وليس الأمر على (¬4) ما ذهبوا إليه؛ فإن هذا الإنصات إنما يجب في الصلاة، وعند الخطبة يوم الجمعة،
¬__________
= صالح العثيمين قال في "مجموع دروس الحرم المكي" 2/ 236: (الصحيح من أقوال أهل العلم أن قراءة الفاتحة واجبة على الإِمام والمأموم والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية والدليل حديث عبادة فتكون الأحاديث مخصصة للآية وتحمل الآية في غير الفاتحة لأنه لا بد من قراءتها) اهـ.
(¬1) في النسخ: (استمعوا).
(¬2) "معاني الزجاج" 2/ 398.
(¬3) انظر: "المغني" لابن قدامة 2/ 259، و"الفتاوى" لشيخ الإِسلام 23/ 265 وص 330، و"نيل الأوطار" 2/ 243 - 257، وقال النحاس في "إعرابه" ص 662: (الإنصات في اللغة عام يجب أن يكون في كل شيء إلا أن يدل دليل على اختصاص شيء) اهـ. ونحوه في "معانيه" 3/ 122، وقال القرطبي 7/ 353 - 354: (الصحيح أن الإنصات عام في الصلاة والخطبة لأنه يجمع جميع ما أوجبته هذه الآية وغيرها من السنة في الإنصات وحكي عن النقاش إجماع أهل التفسير أن هذا في الاستماع في الصلاة المكتوبة وغير المكتوبة) اهـ.
(¬4) في (ب): (إلى ما ذهبوا).

الصفحة 569