كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

فأما التفسير، فقال ابن عباس في قوله: {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}: (وذلك أن الله تعالى جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم إلا من عصم الله، كما قال: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} [الناس: 5] فهم يرون بني آدم، وبنو آدم لا يرونهم) (¬1).
وقال مجاهد: (قال إبليس: جُعل لنا أربع: نرى، ولا نُرى، ونخرج من تحت الثرى، ويعود شيخنا فتى) (¬2).
¬__________
= الكرماني" 1/ 401، وقال السمين في "الدر" 5/ 294: (أبو إسحاق لم يعتقد كونها موصولة بمعنى (الذي) لا يقول بذلك أحد، وإنما يزعم أنها ليست مضافة للجملة بعدها فصارت كالصلة لها أي الزيادة، وهو كلام متهافت، فالرد عليه من هذه الحيثية لا من حيثية اعتقاده لكونها موصولة، ويحتمل أن يكون مراده أن الجملة لما كانت من تمام معناها بمعنى أنها مفتقرة إليها كافتقار الموصول لصلته أطلق عليها هذه العبارة، ويدل على ما قلته أن مكيًا ذكر في علة بنائها فقال: (ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة والموصول) إلا أنه يرى أنها مضافة لما بعدها) اهـ. وانظر: "المشكل" 1/ 287، و"البيان" 1/ 358 - 389.
(¬1) ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 171، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 184، وقال الخازن 2/ 221، وصديق خان 4/ 326: (حكى الواحدي وابن الجوزي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك) وقد أخرج مسلم في "صحيحه" كتاب السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رئى خاليا بامرأة ... إلخ، حديث رقم (2175)، عن صفية بنت حُيَيَّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم" اهـ. وقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في "الفتاوى" 15/ 7: (الذي في القرآن أنهم يرون الإنس من حيث لا يراهم الإنس وهذا حق يقتضي أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الإنس فيها , وليس فيه أنهم لا يراهم أحد من الإنس بحال؛ بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضًا لكن لا يرونهم في كل حال) اهـ، وانظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 477، والقرطبي 7/ 176، و"البحر المحيط" 4/ 284.
(¬2) ذكره الثعلبي في "الكشف" 189 أ، والرازي في "تفسيره" 14/ 54، و"الخازن" 2/ 221، والسيوطي في "الدر" 3/ 142، وصديق خان في "تفسيره" 4/ 326.

الصفحة 87