كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 9)

قال ابن الأنباري: (موضع الكاف في {كَمَا} نصب بـ {تَعُودُونَ} وهو على مذهب العرب في تقديم مفعول الفعل (¬1) عليه أي: تعودون كما ابتدأ خلقكم) (¬2).
¬__________
= والزمخشرى في "الكشاف" 2/ 75 - 76، والقرطبي 7/ 188 والظاهر الجمع بين القولين، وأن الآية إعلام بالبعث، أي: كما خلقكم يعيدكم بعد الموت على ما سبق لكم في علم الله تعالى من سعادة أو شقاوة، فمن سبق له العلم بأنه سعيد صار إلى السعادة، ومن سبق له العلم بأنه شقي صار إلى الشقاوة، والآيات الدالة على ذلك كثيرّةً جدَّا، ومنها قوله تعالى بعد هذه الآية: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف:30]. وقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] وغيرها من الآيات التي يحتج الله سبحانه فيها على النشأة الثانية بالأولى، وعلى المعاد بالمبدأ، فجاء باحتجاج في غاية الاختصار والبيان {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}. وأخرج البخاري في "صحيحه" رقم (4625) في كتاب التفسير آخر تفسير سورة المائدة، ومسلم رقم (2860) كتاب الجنة ونعيمها، باب: متاع الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غُرلاً" {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]) اهـ.
وأخرج مسلم رقم (2878) كتاب الجنة ونعيمها، باب: الأمر بحسن الظن. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" اهـ قال الشنقيطي في "أضواء البيان" 2/ 297 - 298: (في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير كل واحد منهما حق ويشهد له القرآن) اهـ. ثم حكى نحو ما ذكره الواحدي. وانظر: "معاني النحاس" 3/ 26، و"تفسير السمرقندي" 1/ 537، والماوردي 2/ 217، والبغوي 3/ 223 - 224، وابن عطية 5/ 479، وابن الجوزي 3/ 185 - 186، والرازي 14/ 58، و"بدائع التفسير" 2/ 204 - 206، و"البحر المحيط" 4/ 288.
(¬1) لفظ: (الفعل) ساقط من (أ) وملحق بالهامش.
(¬2) ذكره السمين في "الدر" 5/ 297.

الصفحة 93