في القبض" (¬1)، فلما نزل قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا سعد، إنك سألتني السيف وليس لي، وإن قد صار لي فاذهب فخذه" (¬2).
وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: بطاعته واجتناب معاصيه، {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}. قال المفسرون (¬3): أمروا بالطاعة والجماعة وترك المفارقة والمخالفة، ومعنى (ذات بينكم). قال أحمد بن يحيى (¬4): أي: الحالة التي بينكم (¬5)؛ فالتأنيث عنده للحالة، وهو قول الكوفيين (¬6).
وقال الزجاج: معنى ذات بينكم: حقيقة وصلكم، والبين: الوصل (¬7)، فذات عنده بمعنى النفس كما يقال: ذات الشيء ونفسه،
¬__________
(¬1) القبض بفتح الباء بمعنى: المقبوض، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 4/ 6.
(¬2) روى الحديث بألفاظ مقاربة الإمام أحمد في "مسنده" 1/ 178، وأبو داود (2740) كتاب الجهاد، باب: في النفل، والترمذي (3274) أبواب تفسير القرآن، سورة الأنفال، وقال: حسن صحيح، والحاكم في "المستدرك" كتاب قسم الفيء 2/ 132، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه عليه الذهبي.
وأصل الحديث في "صحيح مسلم" (1748) كتاب "فضائل الصحابة" باب: في فضل سعد بن أبي وقاص.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 2/ 400، و"تفسير السمرقندي" 2/ 4، والبغوي 3/ 326.
(¬4) هو: أحمد بن يحيى الشيباني، أبو العباس، الملقب بـ (ثعلب).
(¬5) انظر: كلام أبي العباس ثعلب في "تهذيب اللغة" 2/ 1299 (ذات)، وفي "لسان العرب" 3/ 1476 (ذات).
(¬6) ذهب الكوفيون إلى أن الاسم في (ذا) الذال وحدها وما عداها تكثير لها، وذهب البصريون إلى أن الذال ليست هي الاسم فيها بل هي بكمالها الاسم.
انظر "الإنصاف في مسائل الخلاف" ص 535 , و"تفسير ابن جرير" 9/ 177.
(¬7) "معاني القرآن وإعرابه", له 2/ 400.