قال الفراء: الضم لغة أهل الحجاز والفتح لغيرهم (¬1)، وحكى (¬2) ابن السكيت عنه الفرق بينهما فقال: الجُهد: الطاقة، تقول: هذا جهدي أي طاقتي، والجهد: المشقة، تقول: اجهد جهدك (¬3). وقال الشعبي: الجهد في العمل، والجهل في القوت (¬4).
وقوله تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} الكناية تعود إلى الذين لا يجدون إلا جهدهم، وقوله تعالى: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} خبر الابتداء الذي هو قوله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} ومعناه: جازاهم جزاء سخريتهم، ومضى الكلام في هذا (¬5)، قال ابن عباس: (يريد حيث صاروا إلى النار) (¬6).
وقال صاحب "النظم": قوله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} صفة للمكني المتصل بقوله في الآية التي قبل هذه: {سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [التوبة: 78] ولا يحتمل أن يكون قوله: (الَّذِينَ (¬7) يَلْمِزُونَ) مبتدأ؛ لأنه لم يجيء له جواب، وقوله تعالى: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} لا يحتمل أن يكون جوابًا لأنه فعل ماض (¬8)، وهذه السخرية لا تكون إلا في الآخرة، فكان هذا القول دعاء،
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" 1/ 447 بمعناه.
(¬2) في (م): (وقال).
(¬3) "تهذيب إصلاح المنطق" (جهد) ص 227، و"المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح على حروف المعجم" (جهد) 1/ 171 بنحوه.
(¬4) رواه ابن جرير 10/ 198، وبمعناه ابن أبي حاتم 6/ 1853.
(¬5) انظر: "البسيط" البقرة: 212.
(¬6) ذكره القرطبي في "تفسيره" 8/ 215.
(¬7) ساقط من (ى).
(¬8) ذهب النحاس في "إعراب القرآن" 2/ 206، والقرطبي في "تفسيره" 8/ 215 إلى أن (الذين يلمزون) مبتدأ و (سخر الله منهم) خبره، وذكر أبو البقاء العكيري عدة وجوه في الخبر: =