كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 10)
المذهب، وهو ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد الصلاة علي عبدالله بن أبي قال له عمر: أتصلي على عدو الله القائل يوم كذا: كذا وكذا؟! فقال: "إني خيرت فاخترت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} " (¬1).
¬__________
= و"الدر المنثور" قولاً لأحد المفسرين السابقين بهذا المعنى، وإنما ذكرت عن جمع من مفسري السلف -منهم عروة وقتادة- رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتخيير، فلعل من نسب هذا القول إلى الرواة بناء على أن الراوي لا يخالف روايته، وهذا ليس على إطلاقه.
وقد خالف هذا القول كثير من المفسرين، فابن جرير قال في تفسير الآية 10/ 198 هذا كلام خرج مخرج الأمر، وتأويله الخبر، ومعاه: إن استغفرت لهم يا محمد أو لم تستغفر لهم فلن يغفر الله لهم، وقال الثعلبي في "تفسيره" 6/ 134/ ب: (لفظه أمر، ومعاه جزاء، تقديره: إن استغفرت لهم أو لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم).
وقال البغوي في "تفسيره" 4/ 79: (لفظه أمر، ومعاه خبر، تقديره: استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم .. وذكر عدد السبعين للمبالغة في اليأس عن طمع المغفرة).
وقال الماوردي في "النكت والعيون" 2/ 386: (قوله {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} ليس بحد لوقوع المغفرة بعدها، وإنما هو على وجه المبالغة بذكر هذا العدد). وانظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 195، 204، وابن كثير 2/ 414.
وعلى أي حال فالقول بأن قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} تخيير للنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الصحيح؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إني خيرت فاخترت"، وهذا الحديث نص في هذه المسألة فلا ينبغي العدول عنه.
(¬1) رواه البخاري (4670)، كتاب: التفسير، باب: قوله {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}، ومسلم (2400)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر، والنسائي، كتاب: الجنائز، [باب] الصلاة على المنافقين 4/ 67، والترمذي (3097)، كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة التوبة 5/ 279، وأحمد في "المسند" 1/ 16.
الصفحة 573
598