كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 10)

وقوله تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، قال عطاء عن ابن عباس: (يريد لم يصدقوا نبيه واتخذوا إسلامهم جنة) (¬1)، فبان بهذا أنه ليس يريد الكذب في العذر إنما يريد كذبهم في قولهم (¬2): إنا مؤمنون.

91 - ثم ذكر الله تعالى أهل العذر فقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ}، قال ابن عباس: (يريد الزمنى والمشايخ والعجزة) (¬3)، {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} يعني المقلين من المؤمنين، {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال ابن عباس: (يريد لم يعدلوا بالله شيئاً، وعرفوا الله بتوحيده، وأن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - حق وصدق، وغضبوا لله ورسوله، وأبغضوا من أبغض الله وأحبوا أولياء (¬4) الله) (¬5)، ففسر ابن عباس النصح لله ورسوله بما ذكر.
وقال أهل المعاني: (معنى النصح إخلاص العمل من الغش) (¬6)، ومنه التوبة النصوح، فمعنى: {نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} أخلصوا أعمالهم من الغش والنفاق لهما.
وفائدة قوله: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} بعدما ذكر عذرهم أن المعذور يكون على قسمين: أحدهما فريق منهم يغتنمون عذرهم، فهؤلاء [ليسوا ممن نصح لله ورسوله، وفريق يتمنون أن لم يكن لهم عذر فيتمكنوا من
¬__________
(¬1) "تنوير المقباس" ص 201 بمعناه من رواية الكلبي.
(¬2) في (ى): (قوله).
(¬3) رواه الثعلبي 6/ 137 ب، والبغوي 4/ 84.
(¬4) في (ى): (وأحبوا من أحب الملة).
(¬5) لم أقف عليه.
(¬6) انظر: "تهذيب اللغة" (نصح 4/ 5/ 85، و"تفسير القرطبي" 8/ 227.

الصفحة 593