كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

وقوله: {السَّوْءِ} قرئ بفتح السين وضمه (¬1)، قال الفراء: (فتح السين هو وجه الكلام؛ لأنه مصدر قولك: سؤته سوءًا ومسائية ومساءة (¬2) وسوائية، فهذه مصادر (¬3)، ومن رفع السين جعله اسمًا كقولك: عليهم دائرة البلاء والعذاب، ولا يجوز ضم السين في قوله: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} [مريم: 28] ولا في قوله: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 12] لأنه ضد لقولك: هذا رجل صدق، وثوب صدق، فليس للسوء هاهنا معنى في عذاب ولا بلاء فيضم) (¬4).
وقال الأخفش وأبو عبيد: (من فتح السين فهو كقولك: رجل سوء، وامرأة سوء، ثم تدخل الألف واللام فتقول: رجل السوء، وأنشد الأخفش:
وكنت كذئب السوء لما رأى دمًا ... بصاحبه يوما أحال (¬5) على الدم (¬6)
¬__________
(¬1) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم السين، وباقي العشرة بفتحها. انظر: "الغاية في القراءات العشر" ص 166، وكتاب "إرشاد المبتدي" ص 355، و"تقريب النشر" ص 121.
(¬2) كررت في (خ).
(¬3) ذكر هذه المصادر ابن منظور في "لسان العرب" (سوأ)، وزاد: سوءا -بضم السين- وسواء وسواءة وسواية ومساية ومساء.
(¬4) "معاني القرآن" 1/ 450.
(¬5) في (ح): (أخاك).
(¬6) البيت للفرزدق، انظر: ديوانه 2/ 187، و"طبقات فحول الشعراء" 1/ 362، و"كتاب الحيوان" 6/ 298.
وقوله: أحال على الدم: قال الجاحظ: (الذئبان ربما أقبلا على الإنسان إقبالًا واحداً، وهما سواء على عداوته، والجزم على أكله، فإذا أدمي أحدهما وثب على صاحبه المدمي فمزقه وأكله، وترك الإنسان). انظر: "كتاب الحيوان" 6/ 298.

الصفحة 17