كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

قال أبو بكر بن الأنباري (¬1): وهذا الإلزام لا يفسد قوله، أما زيادة (من)، فإن سجيلا وصف لموصوف مضمر معناه حجارة من عذاب سجيل، فلا ينكر على هذا دخول (من) ويجوز أن تدخل (من) في الكلام زيادة للتوكيد، كقوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد: 15]، وقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31]، وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وأما إنكار ابن قتيبة عليه فقد فسر أبو عمرو (¬2) السجين في بيت ابن مقبل بأنه الشديد، فإذا صح الشديد في معنى السجين لم ينكر إبدال النون باللام كقول الشاعر (¬3):
بكل مُدجَّج كالليث يسموا ... على أوصال ذيَّال رِفَنِّ
أردا: رفل فأبدل اللام بالنون (¬4).
وقوله تعالى: {مَنْضُودٍ} هو مفعول من النضد، وهو وضع الشيء بعضه على بعض، ومعناه في قول أكثر المفسرين: الذي يتلو بعضه بعضًا عليهم، فذلك نضده، ونحو هذا قال الزجاج (¬5)، وقال قتادة (¬6):
¬__________
(¬1) هذا القول ذكره النحاس في "معاني القرآن" 3/ 370.
(¬2) "تهذيب اللغة" (سجل) 2/ 1634.
(¬3) النابغة الذبياني في "ديوانه" ص 138، وبلا نسبة في "ديوان الأدب" 2/ 3، ونسبه في "اللسان" (رفن) 3/ 1697 إلى الجعدي وهو في "ديوانه" 249، "تهذيب اللغة" 1446 (زمن)، "مقاييس اللغة" 2/ 366، قال البطليوسي في "الاقتضاب" ص 339: هذا البيت للنابغة الجعدي، وهو من الشعر المنحول له.
(¬4) ساقط من (ي).
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 72.
(¬6) الطبري 12/ 95، الثعلبي 7/ 53 ب، "زاد المسير" 4/ 145، القرطبي 9/ 83، عبد الرزاق 2/ 309.

الصفحة 514