كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

وقال الحسن (¬1) ومجاهد (¬2): بقية الله: طاعة الله، وعلى هذا معني البقية: الطاعة والمسارعة إلى الخيرات؛ وذلك لأنه يبقى ثوابها أبدًا. وقال قتادة (¬3): حظكم من ربكم خير لكم.
قال ابن الأنباري: وتفسير البقية على هذا التأويل حظهم من الله وما يجب عليهم من تطلب (¬4) رضاه بما يتعبدهم به، سميت بقية؛ لأنها تبقى ولا تبيد.
وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، قال أهل المعاني (¬5): شرط الإيمان في كونه خيرًا لهم؛ لأنهم (¬6) إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة ما يقول، وأيضًا فإنه يكون خيرًا لهم إذا كانوا مؤمنين.
وقوله تعالى: {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}، ذهب بعضهم أنه قال هذا؛ لأنه لم يؤمر بقتالهم وإكراههم (¬7) على الإيمان، وقد أحكمنا شرح هذا في
¬__________
(¬1) المروي عن الحسن هو قوله: (رزق الله خير لكم من بخسكم الناس) أخرجه أبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 627، وابن أبي حاتم 6/ 2072.
(¬2) الطبري 12/ 100، الثعلبي 7/ 54 أ، البغوي 4/ 195، وابن أبي حاتم 6/ 2072.
(¬3) الطبري 12/ 101، عبد الرزاق 2/ 311، وابن أبي حاتم 6/ 2072، وأبو الشيخ، كما في "الدر" 3/ 626، "زاد المسير" 4/ 149.
(¬4) في (ي): (التطلب).
(¬5) "زاد المسير" 4/ 149.
(¬6) ساقط من (ي).
(¬7) يفهم من هذا أن من الأنبياء من أمر أن يكره قومه على الإيمان، ونصوص الكتاب والسنة بخلاف ذلك، قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]. وقال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]. وقال: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]. فالدين ليس فيه إكراه لأنه يلزم فيه الإختيار، فلو آمن ظاهرًا خوفًا أو طمعًا فلا يصح إيمانه. انظر: الطبرى 12/ 28 - 29، 101.

الصفحة 522