كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

هذا كنى عن الدين بالصلوات؛ لأنها من الدين مما كانوا يرونه يفعلها تدينًا، والمعنى: أفي دينك الأمر بذا؟ وهو معنى قول الحسن (¬1)، ورُوي عن ابن عباس (¬2) أيضًا أنه قال: كان شعيب كثير الصلاة (¬3) لذلك قالوا هذا.
وقوله تعالى: {أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}. قال الزجاج (¬4): وهذا دليل (¬5) على أنهم كانوا يعبدون غير الله -عز وجل-. قال صاحب النظم: قوله: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} وليس للصلاة أمر ولا نهي، وهذا يحمل على أن تكون الصلاة (¬6) سببًا للفعل المتصل بها، كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] من أجل صلاته؛ لأن الصلاة من الإيمان والإيمان مانع منهما، فقد صارت الصلاة سببًا للامتناع منهما، فيصح على هذا الترتيب أن يقال: الصلاة مانعة من ذلك وآمرة به، وكذلك قوله: {أَصَلَاتُكَ} أي: من أجل أنك تصلي تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا، أي: صلاتك تحملك على ذلك؟ فلذلك جاز أن يضاف الأمر إليها، فأما قوله: {تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ} أوقع الأمر على شعيب وهو في المعنى واقع على قومه، والتأويل: أصلاتك تأمرك أن تأمرنا أن نترك، فلما ذكر معنى الأمر أولًا اقتصر عليه ولم يُعد ذكره.
¬__________
(¬1) القرطبي 9/ 87.
(¬2) الثعلبي 7/ 54 أ، البغوي 4/ 195، "زاد المسير" 4/ 149، القرطبي 9/ 87.
(¬3) في (ي): (الصلوات).
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 72.
(¬5) ساقط من (ب).
(¬6) ساقط من (ب).

الصفحة 524