كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

وقوله تعالى: {مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} وقد خلوا وماتوا وجاءت الحكاية عن فعلهم على وزن الاستقبال، والتأويل: إن شاء الله أن نترك ما كان يعبد آباؤنا، ومثله قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} [البقرة: 102] أي كانت تتلوا.
وقوله تعالى: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ}، قال ابن الأنباري (¬1): (أن) منسوقة على (ما) في قوله {مَا يَعْبُدُ} على تقدير أو نترك أن نفعل وهذا قول الفراء (¬2) والزجاج (¬3)، وزاد الفراء قولًا آخر شرحه أبو بكر، وهو: أن تكون (أن) منصوبة بفعل مضمر يراد به تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وتنهانا أن نفعل، فدل الأمر على النهي، فحذف كما حذف البرد لما دل عليه الحر في قوله {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (¬4)، ومعنى قوله {أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} قال الكلبي (¬5): أي من البخس والظلم ونقص المكيال والميزان، وهو اختيار الزجاج (¬6)؛ قال: المعنى: إنا قد تراضينا بالبخس فيما بيننا.
وقال ابن عباس (¬7) في رواية عطاء: يريد قطع الدنانير والدراهم، وهو
¬__________
(¬1) في (ي): (ابن عباس)، وانظر: "زاد المسير" 4/ 150.
(¬2) "معاني القرآن" 2/ 52.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.
(¬4) النحل:81.
(¬5) نقله ابن الجوزي عن ابن عباس، "زاد المسير" 4/ 150، وانظر: "تنوير المقباس" 144.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.
(¬7) "البحر المحيط" 5/ 253 عن ابن المسيب.

الصفحة 525