كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

لهم جيرانا وقرابة، وقد رأيتم ما أصيبوا به وما صاروا إليه من سخط الله وعذابه، فعلى هذا أراد: ليسوا ببعيد في الدار والنسب.
وقال قتادة (¬1): {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} في الزمان الذي بينكم وبينهم، واختاره الزجاج فقال (¬2): كان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها، فكأنه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم.
قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول (¬3) كأنه يقول (¬4): إنكم للعذاب الواقع بهم أذكر وأحفظ منكم لما لحق الأمم السالفة؛ لأن دارهم أقرب إلى داركم، فبحفظكم ذلك يلزمكم الإشفاق والحذر من مثل مصرعهم، وعلى القول الثاني كأنه يقول: إن وقتهم أقرب إليكم من أوقات من مضى من المهلكين، ولقرب وقتهم منكم ما يجب أن تراعوا وتحاذروا، ووحد البعيد (¬5) على القول الأول؛ لأنه أراد: وما قوم لوط منكم بمكان بعيد، ويجوز أن يكون وَحَّده على لفظ القوم؛ لأنه على لفظ الواحد، وأنشد (¬6):
لو أن قومي حين تدعوهم حمل
على الجبال الصم لارفض الجبل
ولم يقل حملوا.
¬__________
(¬1) الطبري 12/ 104، عبد الرزاق 2/ 311، "الدر" 3/ 629، ابن أبي حاتم 6/ 2075 بنحوه.
(¬2) ساقط من (ي)، وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 74.
(¬3) ساقط من (ي).
(¬4) في (ب): (قال).
(¬5) قاله ابن الأنباري انظر: "زاد المسير" 4/ 151
(¬6) بيتان من الرجز لم أهتد إلى قائلهما. انظر: "شرح المفصل" 9/ 80.

الصفحة 531