كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

وقوله تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا}، قال الليث (¬1): الظهري الشيء الذي تنساه وتغفل عنه، قال ابن عباس (¬2): يريد ألقيتموه خلف ظهوركم وامتنعتم من قتلي مخافة قومي، والله أعز وأكبر من جميع خلقه.
قال الفراء (¬3): يقول رميتم أمر الله وراء ظهوركم، يعني تعظمون أمر رهطي، وتتركون أن تعظموا الله وتخافوه.
وقال ابن الأنباري (¬4): الظهري يقصد به هاهنا إلى الإهمال [والاطّراح تقول العرب: سألت فلانا حاجة فظهر بها] (¬5)، وسألته حاجة فجعلها ظهرية، أهملها وطرحها (¬6) ولم يلتفت إليها. وأنشد للفرزدق:
تميمَ بنَ زيد لا تكونَنَّ حاجتي ... بظهر فلا يخفى عليّ جوابُها
قال: معناه: لا تكون مهملة مطرحة، وقال قتادة (¬7) في هذه الآية:
أعززتم قومكم وظهرتم بربكم، قال أبو بكر: يريد بقوله ظهرتم: أهملتم وأعرضتم عن طاعته، وجميع أهل (¬8) المعاني قالوا: الكناية في قوله: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ} تعود إلى أمر الله، وما جاءهم به شعيب من الله تعالى، وهو في الظاهر يعود على اسم الله تعالى، ولكنه يعرف بالمعنى أن المراد منه
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (ظهر) 3/ 2255.
(¬2) الطبري 12/ 106.
(¬3) "معاني القرآن" 2/ 26.
(¬4) "الأضداد" 255.
(¬5) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).
(¬6) ساقط من (ي).
(¬7) الطبري 12/ 106 - 107.
(¬8) "معاني الفراء" 2/ 26، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 298، "معاني الزجاج" 3/ 75، "معانى النحاس" 3/ 377.

الصفحة 537