كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

الأمر، كما تقول العرب: جعلتني خلف ظهرك ودبر أذنك، يريدون: جعلت أمري وحاجتي وكلامي.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} أي خبير بأعمال العباد حتى يجازيهم، في قول جميع المفسرين (¬1).

93 - قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}، المكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمله، قال ابن عباس: يريد اعملوا ما أنتم عاملون، وذكرنا هذا مستقصى في سورة الأنعام (¬2). قال أهل المعاني: هذا تهديدٌ بصيغة الأمر، يقول: اعملوا على ما أنتم عليه، إني عامل على ما أنا عليه من طاعة الله، وسترون منزلتكم من منزلتي، وهذا معنى قوله: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ}، وأسقط الفاء هاهنا من {سَوْفَ}، وفي سورتي الأنعام [آية 135] والزمر [آية 39] فسوف.
قال ابن الأنباري (¬3): وهما مذهبان معروفان للعرب وكلاهما صواب في القياس، إذا دخلت الفاء دلت على اتصال ما بعدها بما قبلها، وإذا سقطت بني الكلام على التمام، والذي بعده على الابتداء؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا} [البقرة: 67] معناه: (فقالوا)، فحذفت (¬4) الفاء بناء على تمام (¬5) ما قبلها واستئناف ما بعدها، وإنما يمكن هذا في القرآن والشعر؛ لتطاول القصص والأخبار فيهما، فأما الألفاظ
¬__________
(¬1) الطبري 12/ 108، "زاد المسير" 4/ 153، ابن عطية 7/ 387.
(¬2) آية 135. وخلاصة ما ذكره ما نقله ابن عباس هنا.
(¬3) "زاد المسير" 4/ 153.
(¬4) في (ي): حذفت.
(¬5) في (ي): إتمام.

الصفحة 538