كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

القصار فلا يصلح سقوط الفاء كقول القائل: (قد قلت القبيح فيّ فستعلم عاقبته)، لا يجوز أن تسقط الفاء هاهنا؛ لأنه كلام قصير لا يتم فيه الأول ويستأنف الثاني، و (منْ) في محل النصب بقوله: {تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي يفضحه ويذله، وذلك أن العذاب يقع على وجهين؛ عذاب (¬1) فاضح وعذاب غير فاضح فالفاضح، أشد.
وقوله تعالى: {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ}، قال الفراء (¬2): إنما أدخلت العرب (هو) في قوله {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} لأنهم لا يقولون (من قائم) ولا (من قاعد)، إنما كلامهم: (من يقوم) و (من قام) أو (من القائم)، فلما كان قوله {كَاذِبٌ} غير معرفة ولا فعل أدخلوا (هو)، قال: وقد يجوز في الشعر (مَنْ قائم) وأنشد (¬3):
مَنْ شاربٌ مُرتجٌ بالكأس نادمني ... لا بالحَصور ولا فيها بسوَّار
وقوله تعالى: {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}، معنى الارتقاب: الانتظار، وهو طلب ما يأتي بتعليق النفس به، رقبه يرقبه رقوبًا، وارتقب ارتقابًا، وترقبه ترقبًا، قال ابن عباس (¬4) يريد: ارتقبوا العذاب إني مرتقب من الله الرحمة والثواب.
¬__________
(¬1) في (ي): هذا عذاب.
(¬2) "معاني القرآن" 2/ 26.
(¬3) القائل هو الأخطل، والحصور: البخيل الممسك، والسوار: الذي تسور الخمرة في رأسه سريعًا، فهو يعربد ويثب على من يشاربه. "ديوانه" 168، "معاني الفراء" 2/ 26، "المحتسب" 2/ 241، "اللسان" (حصر) 2/ 896، (سور) 4/ 2147، "إصلاح المنطق" 142، "بغية الوعاة" 1/ 105، وبلا نسبة في "تذكرة النحاة" 332، و"مجالس ثعلب" 1/ 577.
(¬4) "زاد المسير" 4/ 154، القرطبي 9/ 92.

الصفحة 539