كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

وقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ} أي من الأنفس في ذلك اليوم؛ لأن النفس في قوله: {لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} لم يرد به واحداً، فصار كقوله: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47] وقوله تعالى: (شقي) يقال: شقي (¬1)، يشقى، شقاء، وشقاوة، وشِقْوة، وأصل معنى الشقاء في اللغة: الشدة والعسرة يقال: شاقيت فلانا مشاقاة (¬2): إذا عاسرته وعاسرك قال (¬3):
إذا تشاقى الصابرات لم يرث
يعني: جملاً يصابر جمالًا على شدة المشي والتعب، قال ابن عباس (¬4): {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ} كتبت عليه الشقاوة، {وَسَعِيدٌ} كتبت عليه السعادة.

106 - قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِير}، قال الليث (¬5): الزفر والزفير أن يملأ الرجل صدره غمًا ثم هو يزفر به، فالزفير إخراج النفس، والشهيق رد النفس. يقال شهق يشهق، وبعضهم يقول: شهوقًا، ونحو هذا روى أبو عبيد (¬6) عن أبي زيد، وهو قول جميع أهل اللغة، والإنسان إذا زفر فمد نفسه للإخراج ارتفع صدره وانتفخ جنباه، ومن هذا يقال للفرس: إنه عظيم الزفرة، أي عظيم الجوف.
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (شقو) 2/ 1908، "اللسان" (شقى) 4/ 2304.
(¬2) في (ب): (مشاقة).
(¬3) الرجز بلا نسبة في اللسان (شقا) 4/ 2304، "تهذيب اللغة" 8/ 1902، "أساس البلاغة" (شقو)، "تاج العروس" (شقي) وبعده:
يكاد من ضعف القوى لا ينبعث
(¬4) الثعلبي 7/ 56 ب، "زاد المسير" 4/ 158.
(¬5) "تهذيب اللغة" (زفر) 2/ 1537، (شهق) 2/ 1946.
(¬6) "تهذيب اللغة" (زفر) 2/ 1537 (شهق) 2/ 1946.

الصفحة 554