كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

الغراب (¬1)، وهذا الاستثناء لا يفيد نقص شيء من التأبيد؛ لأن الغراب لا يشيب، كذلك الله تعالى [لا يريد أن ينقصهم من الخلود شيئًا بعد أن أخبر به.
وهذا القول ذكره أبو إسحاق (¬2) في أحد قولي أهل اللغة، وحكى قولا آخر، قال بعضهم]: (¬3) الاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب، المعنى: خالدين فيها أبدًا إلا مقدار موقفهم للحساب.
وقال ابن كيسان: الاستثناء وقع بمقدار تعميرهم في الدنيا قبل مصيرهم إلى الجنة والنار، واختاره ابن قتيبة (¬4) فقال: خالدين في النار إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وقيل: الاستثناء يعود إلى حبس الفريقين في البرزخ، وهذه الأقوال قريبة من السواء؛ لأنه يمكنك الجمع بينها فتقول: خالدين فيها أبدًا إلا مقدار مكثهم في الدنيا والبرزخ والوقوف للحساب، ثم يصيرون إلى النار أبدًا أو إلى الجنة أبدًا.
وقال جماعة (¬5) من المفسرين: هذا الاستثناء يعود إلى إخراج أهل
¬__________
(¬1) هذا المثل يضرب في الاستحالة، انظر: "المستقصى" 2/ 59، "فصل المقال" 474، 482، "تمثال الأمثال" 422.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 79.
(¬3) ما بين المعقوفين مطموس في (ب).
(¬4) "مشكل القرآن وغريبه" (1/ 214، "تأويل مشكل القرآن" / 76.
(¬5) ذكره الطبري 12/ 120 عن قتادة وأبي سنان، والضحاك، وخالد بن معدان. الثعلبي 7/ 57 أ، البغوي 4/ 250، "زاد المسير" 4/ 160 وعزاه لابن عباس والضحاك.

الصفحة 559