كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

{هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98] أي فضل، وقالت الخنساء (¬1):
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ... ونيران حرب شب وقودها
أرادت فذلك الرزء، قال: ويجوز أن يكون المراد بالرحمة: التوحيد، فأشير إليها بالتذكير لهذا المعنى، وقد بينا جواز تذكير الرحمة بأبلغ (¬2) من هذا عند قوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3).
وقال الحسن (¬4) ومقاتل بن حيان (¬5) ويمان (¬6) وعطاء (¬7): وللاختلاف خلقهم، يعنون المختلفين.
وفي الآية قول ثالث وهو الاختيار، قال ابن عباس (¬8) في رواية عطاء في قوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} يريد: خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل
¬__________
(¬1) "ديوانها" 44، برواية: (ونيران حرب حين شب وقودها) بزيادة حين، وبه يستقيم الوزن.
(¬2) في (ي): (أبلغ).
(¬3) الأعراف: 56. وذكر هنالك ما خلاصته: أنه ذهب أهل الكوفة إلى أن التذكير هنا بناءً على تقدير المكان، أي: في مكان قريب، وأما مذهب البصريين فقال الزجاج: "إنما قيل قريب؛ لأن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي".
(¬4) الطبري 12/ 143، وابن أبي حاتم 6/ 2096، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 645، والثعلبي 7/ 60 ب والبغوي 4/ 206، والقرطبي 9/ 115.
(¬5) الثعلبي 7/ 60 ب، القرطبي 9/ 115.
(¬6) الثعلبي 7/ 60 ب، القرطبي 9/ 115.
(¬7) الثعلبي 7/ 560 ب، القرطبي 9/ 114، البغوي 4/ 206.
(¬8) "زاد المسير" 4/ 172، وأخرجه الطبري 143/ 12 بمعناه، وابن أبي حاتم 6/ 2095، وانظر: "الدر" 3/ 645، "تنوير المقباس" 146.

الصفحة 589