كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 11)

الاختلاف للاختلاف، وقال الكلبي عن أبي صالح عنه (¬1): خلق الله أهل الرحمة لئلا يختلفوا، وأهل العذاب لأن يختلفوا، وخلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها أهلًا.
وروى منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني عن الحسن (¬2) {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} قال: الناس مختلفون في الأديان، إلا من رحم ربك فإنه غير مختلف، قال: فقلتُ له: فقوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، قال: خلق هؤلاء لرحمته، وخلق هؤلاء لعذابه، وخلق هؤلاء للجنة، وخلق هؤلاء للنار، فعلى هذا الإشارة بقوله (ولذلك) تعود إلى الاختلاف والرحمة، ثم يعبر عنهما بالشقاء والسعادة، فيقال: ولذلك خلقهم أي خلقهم للسعادة والشقاء، وهو قول الفراء (¬3) والزجاج (¬4).
قال أبو بكر: من ذهب إلى أن {ذَلِكَ} هو إشارة إلى الشقاء والسعادة قال: إنهما يرجعان إلى معنى واحد تقديره: وللامتحان خلقهم، على أنَّا ذكرنا في مواضع أن الإشارة بلفظ (ذلك) إلى شيئين متضادين يجوز، قال أبو عبيد (¬5): الذي أختاره في تفسير الآية قول من قال خلق فريقًا لرحمته
¬__________
(¬1) الرازي 12/ 141، القرطبي 9/ 115، "زاد المسير" 4/ 172.
(¬2) الطبري 12/ 141، وعنده وابن أبي حاتم بلفظ قال: خلق هؤلاء لجنته، وهؤلاء للنار وخلق هؤلاء للنار وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لرحمته وهؤلاء للعذاب، والغداني، وهو: منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني الأشل النضري وثقة ابن معبن وأبو داود، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به. انظر: "تهذيب التهذيب" 4/ 158، "تهذيب الكمال" 28/ 541.
(¬3) "معاني القرآن" 2/ 31.
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.
(¬5) البغوي 4/ 207، وقال أبو عبيدة.

الصفحة 590