كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

أراد: بأي النواحي، واحتج أيضًا بقول النابغة (¬1):
وما أُحَاشِي مِنَ الأقْوَامِ مِنْ أَحَدِ
قال: معناه ما أعدل أحدًا من الأقوام في حشا، أي في ناحية، ولهذا احتمل هذه الكلمة معنى الاستثناء والتنزيه، لأن معنى التنزيه التنحيةُ والإبعاد، وكذلك معنى الاستثناء هو الإخراج عن جملة المذكورين.
وقال أبو علي (¬2): حاشا فاعل من حاشى يحاشي، ومعنى: حاش لله، أي: صار يوسف في حشًى، أي: ناحية مما قُرِف به، أي لم يلابسه، وصار في عزلة عنه وناحية، وإذا كان حاشا فعلًا فلابد له من فاعل وفاعله يوسف، كأن المعنى بعد عن هذا الذي رُمي به، (لله) أي لخوفه ومراقبته أمره، وأما حذف الألف منه، فلأن الأفعال قد حذف منها، نحو: لم يك، ولا أدر، ولم أبل، وقد حذفوا الألف من الفعل، نحو ما حكي عن العرب سماعًا: أصاب الناس جهد ولو نر (¬3) أهل مكة، وإنما هو (نرى) فحذفت الألف المنقلبة عن اللام كما حذفت من حاشا، وقد قال رؤبة (¬4):
وصَّاني العَجَّاجُ فيما وَصنِي
¬__________
(¬1) عجز بيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان ويعتذر إليه، وصدره: ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه
انظر: "ديوانه" ص 12، و"الإنصاف" 241، و"الخزانة" 2/ 44، و"الهمع" 1/ 233، و"الدرر" 1/ 98، والقرطبي 9/ 181، و"الدر المصون" 6/ 484.
(¬2) "الحجة" 4/ 423.
(¬3) سقط من (أ، ب، ج) وما أثبته في (ي)، وفي "الحجة" 4/ 423: ولو تَرَما أهل مكة.
(¬4) من أرجوذة له في "ديوانه" ص 187، وقبله:
مُسرول في آلة مُربن ... يمشي العرضى في الحديد المتقن
وبلا نسبة في "الأشباه والنظائر" 2/ 449، و"الخزانة" 1/ 131.

الصفحة 102