كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

ومن أثبث الألف جاء به على التمام والأصل، واختلف النحويون في أن حاشا في الاستثناء حرف جر أم فعل، فهو عند سيبويه (¬1) حرف، وعند المبرد (¬2) يجوز أن يكون فعلًا، وهو اختيار أبي علي، قال: لأن الحرف الجار لا يدخل على مثله، وقد دخل حاشا على اللام الجارة، ولأن الحروف لا تحذف إذا لم يكن فيها تضعيف، واحتج المبرد بقول النابغة (¬3):
وما أُحَاشِي مِنَ الأقْوَامِ من أَحَدِ
قال: لما صرف فاستعمل منه أحاشي، علم أنه فعل.
قال أصحاب سيبويه: قول سيبويه أولى، لأنه يتعلق بالحكاية عن العرب فكان أولى، وحجته في أنها لا تكون إلا حرفًا اجتماع النحويين على أنها لا تكون صلة لما، فلا تقول: جاءني القوم ما حاشا زيدًا، كما تقول: ما خلا زيدًا، فلما امتنعت أن تكون صلة لـ (ما)، دل على أنها ليست بفعل، واحتجاج أبي العباس عليه بقول النابغة لا يلزم؛ لأن قوله (وما أحاشى) ليس بتصريف فعل بل هو بناء فعل على حكاية [قول القائل: حاشا فلان، نحو قولهم: حوقل وبسمل، كأنه قال: ما أقول هذا القول. وأما] (¬4) قول أبي علي، وقد ذكره أبو العباس أيضًا أن حاشا دخلت على اللام الجارة، فتقدير ذلك أن تكون اللام معلقة بفعل آخر، وتكون زائدة، وأما
¬__________
(¬1) "الكتاب" 2/ 309.
(¬2) "المقتضب" 4/ 391، قال محقق الكتاب: وهذه المسألة من المسائل التي رد فيها المبرد على سيبويه، وقد تعقبه ابن ولاد في الانتصار، وانظر: "الحجة" 4/ 422.
(¬3) سبق التعليق على البيت.
(¬4) ما بين المعقوفين في (ب) وهو ساقط من (أ)، (ج).

الصفحة 103