كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

وقال قتادة (¬1): فاستعصى.
وقوله تعالى: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ} قال ابن عباس (¬2): يريد ما أدعوا إليه {لَيُسْجَنَنَّ} توعدته بإيقاع المكروه به، إن لم يطعها فيما تدعوه إليه، و {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}، ومضى الكلام في النون الشديدة والخفيفة، وأن الوقف عليها بالألف كالتنوين في موضع النصب، والصاغر الذليل، ذكرنا ذلك في قوله {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وقوله {صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ} (¬3).

33 - وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (¬4) قال أبو بكر: معناه: رب دخول السجن أحب إلى مما يطالبنني به من معصيتك، والتعرض لسخطك، فحذف المضاف، وهذا قول الزجاج (¬5)، قال أبو بكر ويجوز أن يكون السِّجن بمعنى السَّجْن إذ الاسم المشتق من الفعل يأتي نائبًا عن المصدر، كما يقال: طلعت الشمس مطلعًا، وغربت مغربًا، جعلوها خلفًا من المصدر وهما اسمان، كذلك السجن، وهذا قول الفراء (¬6)، ولابد من أحد التقديرين؛ لأن السِّجن بالكسر اسم للموضع الذي يحبس فيه، وليس يريد أن ذلك الموضع أحب إلى، بل يريد دخوله واللبث فيه، فإن قيل: لم قال: (أحب إلي) ولا واحد من الأمرين محبوب له، لا السجن،
¬__________
(¬1) الطبري 12/ 210، وأبو الشيخ كما في "الدر"، والثعلبي 7/ 80 ب، والقرطبي 9/ 184.
(¬2) قال به الطبري 12/ 210، والثعلبي 7/ 80، والبغوي 4/ 239.
(¬3) الأنعام: 124. وقد قال هناك الصغار: الذل الذي يصغر إلى المرء نفسه.
(¬4) في (أ)، (ج): (يدنني) بدلا من (يدعونني).
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 108.
(¬6) "معاني القرآن" 2/ 44.

الصفحة 106