كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

قيل: أين فاعل بدا؟ قيل هو مضمر دل عليه (ليسجننه)، على تقدير: بدا لهم بداء (¬1) فقالوا والله (لنسجننه)، واللام في لنسجننه جواب ليمين (¬2) مضمرة، كقوله {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102] وقد مر، ورد السجن إلى الياء تغليبًا للأسماء الغيب، كما تقول: قال القوم والله ليكرمن ولنكرمن محمدًا، بالياء والنون، هذا الذي ذكرنا جواب ابن الأنباري (¬3) وغيره من النحويين.
وقال الفراء (¬4) وأصحابه: قوله {لَيَسْجُنُنَّهُ} قام مقام فاعل بدا؛ لأن تلخيصه: ظهر لهم سجنه، فناب الفعل الذي فيه لام القسم عن فاعل بدا، وذلك لما كان في الكلام معنى قول؛ لأن تأويل قوله (بدا لهم) أي فيما قالوا ودبروا، فصار كقولك: قلت ليقومن عبد الله، فتسد اللام وما بعدها مسد الكلام حين يقال قلن كلامًا فاللام (¬5) في (ليسجننه) هذه قصتها؛ إذ كان الفعل الذي قبلها يرجع إلى القول في المعنى.
وذكر أبو علي الفارسي في "المسائل الحلبية" (¬6) هذه الآية، فقال: إن أبا عثمان يقول: إن فاعله مضمر فيه، كأنه عنده: ثم بدا لهم بدو، فأضمر الفاعل لدلالة فعله عليه، وجاز هذا وحسن، وإن لم يحسن أن نقول: ظهر ظهور وعلن علن؛ لأن البدو والبدا قد استعمل على معنى غير المصدر،
¬__________
(¬1) هذا القول رجحه ابن عطية 7/ 504، القرطبي 9/ 186، والتقدير: ثم بدا لهم رأي.
(¬2) في (أ): (ليمن).
(¬3) "الزاهر" 2/ 61، و"زاد المسير" 4/ 221.
(¬4) "معاني القرآن" 2/ 44.
(¬5) في (ج): (واللام).
(¬6) "المسائل الحلبية" ص 239.

الصفحة 109