كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

ألا ترى أن قولهم: بدا لهم بدو، بمنزلة ظهر لهم رأي، كما أن قولهم: قيل فيه قول كذلك، فلهذا أقيم المصدر فيه مقام الفاعل، وأما قوله (ليسجننه) فحمله أبو عثمان على أنه حكاية، تقديره: بدا لهم أمر قالوا ليسجننه، فأضمر القول كما قال {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: 3] أي قالوا، ومثله كثير في التنزيل (¬1).
وقوله تعالى: {حَتَّى حِينٍ} قال أهل اللغة (¬2): الحين وقت من الزمان غير محدود يقع على القصير منه والطويل.
قال ابن عباس (¬3) في رواية عطاء: يريد إلى انقطاع القالة وما شاع في المدينة من الفاحشة، وقال في رواية الكلبي (¬4): الحين هاهنا خمس سنين.
وقال سفيان وعكرمة (¬5): سبع سنين.
¬__________
(¬1) في هذه المسأله ثلاثة أقوال:
1 - مذهب سيبويه أن ليسجننه في موضع الفاعل أي: ظهر لهم أن يسجنوه، وقال محمد بن يزيد: هذا غلط لا يكون من الفاعل جملة ولكن.
2 - الفاعل ما دل عليه بدا أي بدا لهم بداءٌ، فحذف الفاعل لأن الفعل يدل عليه.
3 - أن معنى (بدا له) في اللغة ظهر له ما لم يكن يعرفه، فالمعنى ثم بدا لهم أي لم يكونوا يعرفونه، وحذف هذا لأن في الكلام عليه دليلًا، وحذف أيضًا القول أي قالوا: (ليسجننه) انظر: "الكتاب" 1/ 456، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 141.
(¬2) "تهذيب اللغة" (حين) 1/ 714، و"لسان العرب" (حين) 2/ 1073.
(¬3) القرطبي 9/ 187، وفي البغوي 4/ 239، و"زاد المسير" 4/ 222 ونسبوه إلى عطاء.
(¬4) البغوي 4/ 239، "زاد المسير" 4/ 222، القرطبي 9/ 87، الثعلبي 7/ 81 أ.
(¬5) الطبري 12/ 213، وابن أبي حاتم 7/ 2141 وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 32، والبغوي 4/ 239، وابن عطية 9/ 297، و"زاد المسير" 4/ 222، القرطبي 9/ 187، عن عكرمة (تسع سنين).

الصفحة 110