كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

حسنة فيها ثلاثة أغصان، عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها، فكأن كأس الملك بيدي، فعصرتها فيه وسقيت الملك فشربه، فذلك قوله {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} قال أبو إسحاق (¬1): لم يقل إني أراني في النوم أعصر خمرًا، لأن الحال يدل على أنه ليس يرى نفسه في اليقظة يعصر خمرًا، قال ابن الأنباري: لأنه لو لم يقصد للنوم كان قوله (أعصر) مستغنى به عن {أَرَانِي} وقال غيرهما: قد دل على المنام قولهما {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} وذلك أنه لا يكون لما يرى في اليقظة تأويل.
وقوله تعالى: {أَعْصِرُ خَمْرًا} قال الليث (¬2): يقال: عصرت العنب وعصرته، إذا وليت عصره بنفسك، واعتصرت إذا عُصِرَ لك، والعصارة ما يحلب عن شيء بعصره، وذكر المفسرون (¬3) وأهل المعاني في قوله: {أَعْصِرُ خَمْرًا} ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون المعنى أعصر عنب خمر، أي العنب الذي يكون عصيره خمرًا، فحذف المضاف.
والثاني: أن العرب تسمي الشيء باسم ما يؤول إليه إذا انكشف المعنى ولم يلتبس، فيقولون: فلان يطبخ الآجُرّ، يعنون اللّبِن، فيوقعون بالفرع ما هو واقع بالأصل، ويقولون: هو يطبخ دبسًا، وهو يطبخ عصيرًا، هذا (¬4) الذي ذكرنا قول الزجاج (¬5) وابن الأنباري (¬6).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 109.
(¬2) "تهذيب اللغة" (عصر) 3/ 2458.
(¬3) "زاد المسير" 4/ 223، البغوي 4/ 240، الرازي 18/ 134.
(¬4) في (ج): (هو).
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 109.
(¬6) "زاد المسير" 4/ 223.

الصفحة 113