كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

قال أبو إسحاق (¬1): أراد أرضًا يبعد فيها عن أبيه؛ لأنه لم يخل من أن يكون في أرض، ودل على هذا المحذوف قوله {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} لأن هذا يدل على أنهم تآمروا في أن يطرحوه في أرض لا يقدر عليه فيها أبوه.
قال ابن الأنباري: تلخيصه: أو اطرحوه أرضًا بعيدة عن أبيه، فلما دل على هذا المضمر قوله {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} كان الإضمار سائغًا، ومعنى قوله {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} أي: يقبل بكليته عليكم، ويخلص لكم عن شغله بيوسف، يعنون أن يوسف شغله عنا وصرف وجهه إليه، فإذا فقده أقبل إلينا بالميل والمحبة (¬2).
وقوله تعالى: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} قال ابن عباس (¬3): يريد تحدثوا (¬4) توبة بعد ذلك يقبلها الله منكم، وهذا قول عامة المفسرين (¬5)، وعلى هذا المعنى {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} بإحداث التوبة.
وقال مقاتل بن سليمان (¬6): ليس الصلاح هاهنا مقصودًا به (¬7) قصد صلاح الدين، لكن المعني به: ويصلح شأنكم عند أبيكم وتغلبوا على قلبه
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 93.
(¬2) الثعلبي 7/ 64 ب، و"زاد المسير" 4/ 184، البغوي 4/ 218.
(¬3) نقله عنه في "زاد المسير" 4/ 184، وذكره الطبري عن السدي 12/ 155.
(¬4) في (ج): (يجدونه).
(¬5) ومنهم الطبري 12/ 150، والبغوي 2/ 218، و"زاد المسير" 4/ 184، وابن عطية 7/ 443.
(¬6) "تفسير مقاتل" 151أ، نقله عنه في "زاد المسير" 4/ 184، والثعلبي 7/ 64 ب.
(¬7) في (ج): (مقصودًا).

الصفحة 30