كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

ما مكروا (¬1)، {يَبْكُونَ} مكرًا لإيهام براءتهم مما عرض (¬2) ليوسف من البلية بأكل الذئب على زعمهم. روى مجالد (¬3) عن الشعبي قال: خاصمت امرأة إلى شريح وجعلت تبكي فقيل له: يا أبا أمية، أما تراها تبكي، فقال شريح: قد جاء إخوة يوسف أباهم عشاءً يبكون (¬4).

17 - قوله تعالى: {يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} قال أكثر المفسرين (¬5): نتنصل في الرمي، وهذا اختيار الزجاج (¬6) وابن قتيبة (¬7)، قال نتنصل: يسابق بعضنا بعضًا في الرمي، وعلى هذا هو من السباق في النصال، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" (¬8) يعني بالنصل: الرمي، وأصل السبق في الرمي للسهم، وهو أن يرمي اثنان أيهما يكون أسبق بينهما وأبعد غلوة، ثم يوصف المتراميان بذلك، فيقول: استبقا
¬__________
(¬1) "البحر المحيط" 5/ 288.
(¬2) في (ج): (عرضوا).
(¬3) هو مجالد بن سعيد بن عمير الكوفي الهمداني، لين الحديث، تغير حفظه في آخره، توفي سنة 144 هـ. انظر: "الجرح والتعديل" 8/ 361، و"التهذيب" 4/ 24 - 25.
(¬4) أخرجه ابن المنذر كما في "الدر المنثور" 4/ 15.
(¬5) الطبري 12/ 162، والثعلبي 7/ 66 ب، و"زاد المسير" 4/ 191، والبغوي 4/ 222.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 95.
(¬7) "مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة ص 217.
(¬8) أخرجه أحمد 2/ 474، برقم (10138)، ط. الرسالة، من حديث أبي هريرة، والترمذي (1700) في الجهاد، باب: ما جاء في الرهبان والسبق، وأبو داود "عون المعبود" (2557) في الجهاد، باب: في السبق، وابن ماجه (2878) في الجهاد، باب: السبق والرهان وصححه الألباني. انظر: "صحيح سنن ابن ماجه" للألباني (1326)، كتاب: الجهاد، باب: السبق والرهان وخرجه الألباني في "إرواء الغليل" (1506).

الصفحة 44