كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

قال ابن الأنباري: وقع النداء في اللفظ بالبشرى، وهو في المعنى واقع لغيرها، تأويله: يا هؤلاء تنبهوا لبشراي. وهذا معنى قول أبي إسحاق (¬1)، ومعنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة إذا قلت: يا عجباه، فكأنك قلت: اعجبوا، وذكر وجهًا آخر، وهو أن يكون المعنى: يا أيتها البشرى هذا من إيانك وأوانك، وزاد أبو علي (¬2) لهذا الوجه بيانًا، فقال: المعنى فيه أن هذا من أوانك ولو كنت ممن يخاطب لخوطبت الآن، وهذا في كل منادى لا يجيب ولا يعقل.
وقرأ أهل (¬3) الكوفة {يَا بُشْرَى} من غير إضافة، وهذه القراءة كالأولى في أنه نداءٌ لمن لا يجيب، إلا أن هذا نداءٌ غير مضاف فيكون رفعًا، قال السدي (¬4): نادى المدلي صاحبه وكان اسمه بشرى، فقال: يا بشراي، كما تقول: يا زيد.
وروي عن الأعمش (¬5) أنه قال: دعا امرأة اسمها بشرى.
قال أبو علي (¬6): من جعل البشرى اسمًا للبشارة وهو الوجه، جاز أن يكون في محل الرفع مثل: يا رجل، لاختصاصه بالنداء، وجاز أن يكون في موضع نصب على أن يجعله نداءً شائعًا في جنس البشرى ولم يخص كما
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 97.
(¬2) "الحجة" 4/ 412.
(¬3) "السبعة" ص 346، و"النشر" 3/ 124، و"إبراز المعاني" ص 533، و"إتحاف" ص 263.
(¬4) الطبري 12/ 167 - 168، وابن أبي حاتم 7/ 2113أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 17، و"زاد المسير" 4/ 194، والقرطبي 9/ 153.
(¬5) الرازي 18/ 106، و"زاد المسير" 4/ 194.
(¬6) "الحجة" 4/ 411.

الصفحة 52