كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

وقوله تعالى: {دَرَاهِمَ} بدل من الثمن وتفسير له وواحده درهم، ويقال (¬1): رجل مدرهم، أي: كثير الدراهم.
وقوله تعالى: {مَعْدُودَةٍ} قال ابن إسحاق (¬2): كانوا يعدون الدراهم، حتى يبلغ أوقية، فقال الله عزّ وجلّ {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ}، ليعلم أنها أقل من أوقية، وذلك أنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقل من أربعين درهماً، إنما كانوا يعدونه عدًّا، وقال أصحاب المعاني (¬3): يعني معدودة قليلة، وذكر العدد عبارة عن القلة، وذلك أن الكثير قد يمتنع من عدده لكثرته، والقليل يعد لقلته، وذكرنا الاختلاف في عدد الدراهم.
وقوله تعالى: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} قال الليث (¬4): الزهد: الزهادة في الدنيا، ولا يقال الزهد إلا في الدين خاصة، والزهادة في الأشياء كلها، ومعنى الزهد قلة الرغبة، يقال: زهد فلان في هذا، إذا لم يرغب فيه، وأصله من القلة، ومنه يقال: رجل زهيد، إذا كان قليل الطُّعْم، رجل مزهد قليل المال، ومصدر قوله {مِنَ الزَّاهِدِينَ} الزهادة لا الزهد، قال ابن عباس (¬5): يريد إخوة يوسف، كانوا في يوسف من الزاهدين.
قال الضحاك (¬6): لم يعرفوا نبوته، وموضعه من الله، وكرامته عليه،
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (درهم) 2/ 1181.
(¬2) الطبري 12/ 173، الثعلبي 7/ 68 ب، و "زاد المسير" 4/ 196 عن ابن عباس، القرطبي 9/ 156.
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 2/ 40، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبه ص 217.
(¬4) "تهذيب اللغة" (زهد) 2/ 1568.
(¬5) "زاد المسير" 4/ 197، القرطبي 9/ 157، البغوي 4/ 225.
(¬6) الطبري 12/ 174، وابن أبي حاتم 7/ 2118 أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 19، و"زاد المسير" 4/ 197.

الصفحة 57