كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

يوسف أعطى النبوة وأوحي إليه في البئر، ومن فسر الأشد بثلاث وثلاثين سنة قال: معناه أنه لما بلغ هذه السن زدناه علمًا وفهمًا بعد النبوة.
قال ابن الأنباري (¬1): قال اللغويون الحكم والحكمة أصلها حبس النفس عن هواها ومنعها مما يشينها (¬2). فجائز أن يعني بهما النبوة، وممكن أن يعبرا عن العقل والفهم؛ لأن كل واحد من الثلاثة يحبس النفس على رشدها ويبعدها عن غيها.
وقال أبو إسحاق (¬3) في قوله {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}: أي جعلناه حكيمًا عالمًا، وليس كل عالم حكيمًا، الحكيم: العالم المستعمل علمه، الممتنع من استعمال ما يجهل فيه.
وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ} أي مثل ما وصفنا من تعليم يوسف {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} قال ابن عباس (¬4): يريد نفعل بالموحدين، وقال أبو روق عن الضحاك (¬5): يعني: الصابرين عن النوائب، كما صبر يوسف.

23 - قوله تعالى {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} يعني: امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها، طلبت منه أن يواقعها، يقال: راود فلان جاريته عن نفسها، وروادته هي عن نفسه، إذا حاول كل واحد من صاحبه الوطء والجماع، ومعنى المراودة في اللغة: المطالبة بأمر للعمل به، قال الزجاج (¬6): المعنى أنها راودته عما يريد النساء من الرجال.
¬__________
(¬1) الرازي 18/ 111.
(¬2) في (ج): (لا تشتهي).
(¬3) "معاني القرن وإعرابه" 3/ 99.
(¬4) أخرج الطبري عن ابن عباس قوله {الْمُهْتَدِينَ} في: "الدر" 4/ 20، و"زاد المسير" 4/ 201.
(¬5) الثعلبي 7/ 70 ب، القرطبي 9/ 162.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 99.

الصفحة 65