كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

قال أبو إسحاق: ويجوز -والله أعلم- أن يكون من المثاني: أي مما أُثني به على الله؛ لأن فيها حَمْدَ الله وتوحيدَه، وذِكرَ ملائكته يوم الدين (¬1)، المعنى: ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله (¬2)، وقيل سميت آيات الفاتحة مثاني؛ لأن كلماتها مُثَنَّاة؛ مثل الرحمن الرحيم، إيّاك وإيّاك، الصراط وصراط، عليهم وعليهم (¬3)، وفي قراءة عمر: وغير وغير (¬4)، وهذه الآية على هذا القول تدل على فضيلة الفاتحة؛ لأن الله
¬__________
= 1/ 10 وغيرهما- وقد نقل عنه ما يخالف ما انفرد به، ففي أسباب النزول للواحدي (ص 22) قال: وعند مجاهد أن الفاتحة مدنية، قال الحسين بن الفضل: لكل عالم هفوة وهذه بادرة من مجاهد لأنه تفرّد بهذا القول والعلماء على خلافه. والصحيح أن مجاهد لم ينفرد بالقول أنها مدنية، بل روي -كذلك- عن أبي هريرة وعطاء بن يسار والزهري. "تفسير ابن الجوزي" 1/ 10، "تفسير القرطبي"10/ 115، وابن كثير 1/ 10 ولعل الحسين رجع عن القول بأنها نزلت مرتين إلى ما ذهب إليه أكثر المفسرين أنها نزلت بمكة. وهذا هو الراجح لأمرين: أن سورة الحجر مكية بالإجماع، وورد فيها هذه الآية، وما كان الله ليمتنّ على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. أن الصلاة فرضت بمكة، وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير الفاتحة - كما قال (: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) ولا يصح القول أنه النبى -صلى الله عليه وسلم- أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة، فهذا مما لا تقبله العقول. انظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 21.
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185 بنصه.
(¬2) "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507 بنصه.
(¬3) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151 ب، بنصه، وذكره الطبري 14/ 60 مختصرًا، ونسبه إلى أهل العربية وضعفه، وأورده الماوردي 3/ 170 مختصرًا، و"تفسير ابن الجوزي" 4/ 414، والفخر الرازي 19/ 207، والخازن 3/ 102.
(¬4) بَيَّنَ ذلك الفخر الرازي 19/ 207 فقال وفي قراءة عمر: (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) ولم أقف علي هذه القراءة، ولو ثبتت عنه فهي شاذة، ولعلى من قبيل التفسير.

الصفحة 650