91 - قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}، {الَّذِينَ} من صفة المقتسمين، إلا على قول ابن زيد، فإنه يكون ابتداءً وخبره في (لنسألنهم)، وذكر أهل اللغة في واحد عضين قولين، أحدهما: أن واحدها عِضَة؛ مثل: عزة ونزة وثبة، وأصلها عِضْوة من: عضَّيتُ الشيء، إذا فرَّقته (¬1)، وكل قطعة عضة، وهي مما نقص منها واوٌ؛ وهي لام الفعل -مثل قِلَة وعِزَة- وبابها، والتعضية التجزئة والتفريق، ورواه أبو ظبيان عن ابن عباس في عضين ما ذكرناه في المقتسمين، ويقال: عضيت الشاة والجزور تعضية، إذا جعلتها أعضاءً وقسمتها.
وفي الحديث: "لا تَعْضية في ميراثٍ إلا فيما حمل القَسْمَ" (¬2) أي: لا تجزئة فيما [لا]، (¬3) يحتمل القَسْم؛ كالجوهرة والسيف وغيرهما، وهذا معنى قول المفسرين وأكثر أهل المعاني؛ قال ابن عباس في قوله: {جَعَلُوا
¬__________
(¬1) انظر: (عضه) في: "تهذيب اللغة" 3/ 2477، "الصحاح" 6/ 2241، "عمدة الحفاظ" 3/ 11، "تفسير الثعلبي" 2/ 152 ب.
(¬2) أخرجه الدارقطني كتاب: الأقضية والأحكام، باب: المرأة تقتل إذا ارتدت 4/ 219 بنحوه بروايتين عن أبي بكر، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب: آداب القاضي، باب: مالا يحتمل القسمة 10/ 133 بنحوه بروايتين، وورد في "النهاية" 3/ 256، و"الكنز" 11/ 9، والحديث ضعيف كما قال الشافعي: قال ولا يكون مثل هذا الحديث حجة لأنه ضعيف، وهو قول من لقينا من فقهائنا، وقال البيهقي: وإنما ضعفه لانقطاعه، وهو قول الكافة، وعلة أخرى أن الحديث يدور على صديق بن موسى، وهو ليس بحجة كما في "الميزان" 3/ 28، وقد أشار إلى ذلك الآبادي في ذيل "سنن الدارقطني" 4/ 219.
(¬3) في جميع النسخ بدوك (لا)، ولا يستقيم المعنى إلا بها؛ لأن المراد النهي عن تفريق ما يكون تفريقه ضررًا علي الورثة؛ كأن تقسم جوهرة نفيسة أو ثوب نفيس فتنقص بذلك قيمته.