كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

قال: وأصله الفَرْق والفتحُ، أي: اصدع بحقِّك الباطلَ (¬1)، وهذا قولُ أهل اللغة والمعاني، وقال ابن عباس: أظهر (¬2)، وقال الأخفش وأبو عبيدة: افرق (¬3)، وقال المؤرج: افصل (¬4).
وقوله تعالى: {بِمَا تُؤْمَرُ} قال الفراء: أراد فاصدع بالأمر، و (ما) مع الفعل بمنزلة المصدر، وكذلك لم يعد إليه عائد من الصلة كقولك: ما أحسنَ ما ينطلق؛ لأنك تريد: ما أحسنَ انطلاقك، وما أحسنَ ما تأمر، أي: أمرك، ومثله قوله: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102] كأنه قيل له: افعل الأمر الذي تؤمر، قال ويجوز أن يكون المعنى: بما تؤمر به،
¬__________
(¬1) "الغريب" لابن قتيبة ص 240 بنصه.
(¬2) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 ب، "تفسير البغوي" 4/ 395، الخازن 3/ 104، "تنوير المقباس" ص 281 بلفظه، وهذه الرواية أوهى الطرق؛ لأنها من طريق محمد بن مروان عن الكلبي، أخرجها أبو نُعيم في "الدلائل" ص 270، وقد رويت عن الكلبي -نفسه- في "تفسير هود" 2/ 358، والماوردي 3/ 174، والغريب إيراد الواحدي -رحمه الله- الأقوال الضعيفة عن ابن عباس وتركه للروايات الصحيحة والمشهورة في بعض المواضع، ففي هذه الآية مثلاً؛ ثبت عن ابن عباس تفسيرها بـ: أمضه، وافعل ما تؤمر. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 67 من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، والثعلبي 2/ 152 ب، و"تفسير البغوي" 4/ 395، وابن الجوزي 4/ 420، وابن كثير 2/ 615، و"الدر المنثور" 4/ 199 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، ولعل سبب إيراده للروايات الضعيفة عن ابن عباس -مع ورود الروايات الصحيحة- أنه نظر إليها من جهة اللغة والمعنى لا من جهة السند، فاختارها -على القوية سندًا- لهذه الحيثية، والمعروف عن الواحدي -رحمه الله- أنه يغلب عليه الاهتمام باللغة والعناية بها في تفسيره.
(¬3) "مجاز القرآن" 1/ 355 بلفظه، ولم أجده في معاني الأخفش، وورد منسوبًا للأخفش في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 ب بلفظه، و"تفسير البغوي" 4/ 395.
(¬4) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 ب بلفظه.

الصفحة 671