كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

وقال يونس (¬1): شغفها أصاب شغافها مثل كبدها، وقال ابن السكيت (¬2): الشغاف هو الخلبُ، وهو جليدة لاصقة بالقلب، ومنه قيل: خلبه إذا بلغ حبه خلب قلبه، وشغفها إذا بلغ حبه شغاف قلبها، وقال الفراء (¬3): (شغفها حبًّا) أي: خرق شغاف قلبها، وقال ابن قتيبة (¬4): يقال. شغفت فلانًا، إذا أصبت شغافه، كما تقول: كبدته (¬5)، إذا أصابت كبده.
وقال ابن الأنباري (¬6): الشغاف غلاف القلب، وأنشد (¬7):
يَعْلَمُ اللهُ أنَّ حُبَّكِ مِنِّي ... في سَوَادِ الفُؤادِ وِسْطَ الشِّغَاف
قال: والمعنى: شغفها حبه، أي: أصاب شغافها، ثم نقل الفعل عن الفاعل [فخرج الفاعل] (¬8) مفسرًا نحو قولهم: طاب نفسًا، وقر عينًا، {واشتعل الرأس شيبًا}، وهذا من كلامهم للاتساع (¬9) في اللغة، والافتنان في اللفظ، وذلك أدل على البلاغة وأحلى في السمع، ولا يتعدى في هذا ما نطقت به العرب، لا يقال: عقل محمد جارية، على معنى عقلت جارية محمد، كما يقال: حسن محمد وجهًا، فعلى هذا (الحب) فاعل نقل عنه الفعل.
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (شغف) 2/ 1894.
(¬2) "تهذيب اللغة" (شغف) 2/ 1894.
(¬3) "معاني القرآن" 2/ 42.
(¬4) "مشكل القرآن وغريبه" ص 218.
(¬5) في (أ)، (ج): (لبدته). باللام.
(¬6) " الزاهر" 1/ 509.
(¬7) هو لعبد الله بن قيس الرقيات. انظر: "ديوانه" ص 37، و"الزاهر" 1/ 509.
(¬8) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(¬9) في (ج): (الاتساع).

الصفحة 88