كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 12)

معناه قد ذهب به الحب أقصى المذاهب، وقال أبو زيد (¬1): شعفه حبها يشعفه، إذا ذهب بفؤاده، ونحو هذا قال شمر (¬2)، قال: والمشعوف الذاهب القلب، وقال الأصمعي (¬3) في قوله:
شَعَفَ الكلابُ الضَّارِيات فؤادَه
المشعوف، الذاهب القلب، وبه شعاف أي جنون، الأزهري (¬4): وأهل هجر يقولون للمجنون مشعوف، وعلى هذا معنى (شعفها حبًا)، أي شعفت به، وكاد يذهب حبه بلبها، أي بلغ أقصى المبالغ منها وذهب بها كل مذهب.
وقال أبو بكر: الشعف رؤوس الجبال، ومعنى: شعف بفلان، إذا ارتفع حبه إلى أعلى المواضع من قلبه.
وهذا الذي حكينا عنه أئمة اللغة في معنى قوله (شعفها) بالعين غير المعجمة ثلاثة أصول: أحدها: أنه من الإحراق، والثاني: أنه من الإذهاب، والثالث: أنه من الارتفاع.
وقوله تعالى: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي ضلال عن طريق الرشد، بحبها إياه (¬5)، كقوله تعالى: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف: 8].
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (شعف) 2/ 1890.
(¬2) "تهذيب اللغة" (شعف) 2/ 1890.
(¬3) "تهذيب اللغة" (شعف) 2/ 1890. والبيت لأبي ذؤيب، وعجزه:
فإذا يرى الصبح المصدق يفزع
"ديوان الهذليين" 1/ 10، و"المفضليات" ص 425، و"اللسان" (شعف) 4/ 2280، و"تهذيب اللغة" (شعف) 2/ 1890.
(¬4) كذا في النسخ ولعله (قال الأزهري) وهو في "تهذيب اللغة" 2/ 1890 (شعف).
(¬5) "زاد المسير" 4/ 215، والرازي 18/ 126.

الصفحة 91