كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

هاهنا، قال الزجاج: الروح ما كان فيه من أمر الله حياةً للنفوس بالإرشاد إلى أمر الله (¬1).
وقال أبو العباس في هذه الآية وفي قوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: 15]، ولقوله: {وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] هذا كله معناه الوحي (¬2)؛ سُمّي روحًا لأنه حياةٌ من موت الكفرِ، فصار يحيا به الناس؛ كالروح الذي يحيا (¬3) به الجسد.
وقال أبو عبيدة: الروح هاهنا جبريل (¬4)، وعلى هذا الباء في بالروح بمعنى (مع) كقولهم: خرج بثيابه، أي: ومعه ثيابه، وركب الأمير بسلاحه، والأول الوجه، ومعنى {مِنَ أَمرِهِ}، أي: من فعله في الوحي (¬5).
وقوله تعالى: {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يريد النَّبِيّين الذين يختصهم من عباده بالرسالة والوحي بقوله: {أَن أَنذِرُواْ}، قال الزجاج: {أَن} بدل
¬__________
= وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 205، ونسبه إلى ابن أبي حاتم عن الحسن قال: بالنبوة.
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 190، بنصه.
(¬2) "تهذيب اللغة" (روح) 3/ 1768، بنصه.
(¬3) في جميع النسخ: (يحي)، ويستقيم السياق بالمثبت، وهو موافق لما في المصدر.
(¬4) ليس في مجازه، وورد منسوباً إليه في: "تفسير الثعلبي" 2/ 154 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 8، الفخر الرازي 19/ 220، "تفسير القرطبي" 10/ 67، وهو قول ضعيف جدًّا، والصحيح هو الأول كما ذكر.
(¬5) قال القاسمي: {من أَمرِهِ} بيان للروح، أو حال منه، أو صفة، أو متعلق بـ {ينزل}، وقال الفخر الرازي: وقوله: {من أَمرِهِ} إن ذلك التنزيل، والنزول لا يكون إلا بأمر الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] ونحوها، فكل هذه الآيات دالة على أنهم لا يقدمون على عمل من الأعمال إلا بأمر الله تعالى وإذنه. انظر. "تفسير الفخر الرازي" 19/ 220، والقاسمي 10/ 78.

الصفحة 10