كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وخلو الأرض عن سكانها أجلاً، فهو يؤخرهم إلى أجل مُسَمّى كي يتوالدوا، والأجل المسمى في هذه الآية: القيامة، في قول عطاء عن ابن عباس (¬1)، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} يريد أجل القيامة، وفي قول الآخرين: يعني منتهى الأجل وانقضاء العمر (¬2)، ولعل الأقرب هذا؛ فإن المشركين يؤاخذون بالعقوبة إذا انقضت أعمارهم وخرجوا من الدنيا، ووجه القول الأول: أن معظم العذاب يوافيهم يوم القيامة، وذكرنا معنى: {لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} في سورة الأعراف: [34].

62 - قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ}، معنى {يَجْعَلُونَ} هاهنا يصفونه بذلك ويحكمون به له، لقولك: جعلت زيدًا أعلى الناس؛ وذكرنا معاني الجَعَل عند قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103].
وقوله تعالى: {مَا يَكْرَهُونَ} يعني البنات في قول جميع المفسرين (¬3)، والمعنى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ}: لأنفسهم،
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 60، وورد غير منسوب في "تفسير هود الهواري" 2/ 375، و"تفسير الماوردي" 3/ 195، والخازن 3/ 121.
(¬2) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 158 ب، بنصه، والطوسي 6/ 396، بمعناه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 26، وابن الجوزي 4/ 460، والفخر الرازي 20/ 60، و"تفسير البيضاوي" 1/ 278، والخازن 3/ 121، وذهب بعضهم إلى أنه الوقت الذي قدّره الله لإنزال العذاب بهم في الدنيا، فيكون الناس من العام المخصوص؛ أي أهل المعاصي والكفر؛ كما في قول ابن عباس القول الأول. انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 204 أ، والطبري 14/ 125 - 126، و"تفسير الماوردي" 3/ 195، والفخر الرازي 20/ 60، و"القرطبي" 10/ 119، والخازن 3/ 120.
(¬3) ورد بلفظه في "تفسير مقاتل" 1/ 204 أ، والطبري 14/ 126، و"معاني القرآن" للنحاس 4/ 78، و"تفسير السمرقندي" 2/ 239، و"تفسير هود الهواري" 2/ 375، والثعلبي 2/ 158 ب، والطوسي 6/ 396.

الصفحة 100