كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

الزجاج (¬1)، قال: المعنى يصفون أن لهم مع قولهم هذا القبيح من الله الجزاء الحسن (¬2)، فحصل في {الْحُسْنَى} هاهنا قولان؛ الأول: على أنهم قالوا: لله البنات ولنا البنون، والثاني: على أنهم حكموا لأنفسهم بالجنة والثواب من الله إن كان محمد صادقًا (¬3) في البعث؛ لأنهم كانوا لا يؤمنون بالمعاد، ولعل الأقرب في تفسير الحسنى: الجنة، وفي الآية ما يدل على هذا، وهو قوله: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّار}، فردَّ عليهم قولَهم وأثبت لهم النار، فدلّ هذا أنهم حكموا لأنفسهم بالجنة، قال الزجاج: (لا) ردٌّ لقولهم، المعنى ليس ذلك كما وصفوا، جَرَمَ فعلُهم هذا، أي كَسَبَ النارَ (¬4)، فعلى هذا (أنَّ) يكون في محل النصب بوقوع الكسبِ عليه، وقال قطرب: (أنَّ) في موضع رفع، المعنى: وجب أنَّ لهم النار (¬5) , وقيل: لا بُدَّ ولا محالةَ أن لهم النّار، وذكرنا فيما تقدم استقصاء الكلام في هذا الحرف (¬6).
وقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أي مُتْرَكون (¬7) مَنْسِيُّون في النار، قاله الكلبي ومجاهد والضحاك (¬8).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 207، بنصه.
(¬2) في (أ)، (د): (الحسنى)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهو الموافق للمصدر.
(¬3) في (أ)، (د): (صادق) وهو خطأ نحوي ظاهر، لعله من النساخ، والمثبت من (ش)، (ع). "تفسير الثعلبي" 2/ 158 ب.
(¬4) أي: كَسَبَ فعلُهم هذا لهم النارَ.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 207، بتصرف يسير.
(¬6) سورة هود: الآية [22]، و"تفسير السمرقندي" 1/ 169، والنحل الآية [23].
(¬7) هكذا في جميع النسخ، ولعلها (متروكون) كما في "مجاز القرآن" 1/ 361، و"تفسير الطبري" 14/ 127، و"الحجة للقراء" 5/ 73.
(¬8) "تفسير مجاهد" ص 422، بنصه، وأخرجه الطبري 14/ 128 من ثلاث طرق عن مجاهد بلفظ: مَنْسيون، وعن الضحاك بلفظ: متروكون في النار، ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 79، بلفظه عن مجاهد، و"تفسير الماوردي" 3/ 186، بلفظه عن مجاهد والضحاك، والطوسي 6/ 395، بنصه عن مجاهد والضحاك، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 452، عن مجاهد، وأبي حيان 5/ 506 عن مجاهد، وابن كثير 2/ 632، عن مجاهد.

الصفحة 102