كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

حاله وصفته، والثاني: أنه ذَكر فاحشَ ما ارتكب من تضييع حق نعمة الله بالخصومة في الكفر به (¬1).

5 - قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}، يعني الإبل والبقر والغنم، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: {لَكُمْ} ثم يبتدئ فيقول: {فِيهَا دِفٌ}.
قال صاحب النظم: أحسن الوجهين أن يكون الوقف عند قوله: {خَلَقَهَا}؛ لقوله في النسق على ما قبلها: {وَلَكُم فِيهَا جَمَال} (¬2).
وأما الدفء، فقال الفراء وجميع أهل اللغة: هو ما انتفع به من أوبارها وأشعارها وأصوافها، أراد ما يلبسون منها ويبتنون (¬3)، فالدفء عند أهل اللغة: ما يُستدفأ به من الأكسية والأبنية (¬4)، قال الأصمعي: ويكون الدفء السخونة، يقال: اقعد في دفء هذا الحائط، أي في كنّه (¬5)، وقال الفراء في المصادر: يقال للرجل: دَفَيْت فأنت تدفأ دَفْأً، ساكنة الفاء مفتوحة الدال، ودِفْآء بالكسر والمد، وزاد غيرُه دَفاءةً ودَفاءً.
¬__________
(¬1) ورد بنحوه في "تفسير الماوردي" 3/ 179، عن الحسن، والطوسي 6/ 361.
(¬2) أي أنه نسق {وَلَكُم فِيهَا جَمَال} على {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، ولو وقف على {خَلَقَهَا لَكُمْ} لتعذر هذا العطف. وقد نقل الفخر الرازي 19/ 227، والخازن 3/ 106، قول صاحب النظم، وعزياه للواحدي -رحمه الله-.
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 2/ 96، مختصرًا، وورد بنصه في "تهذيب اللغة" 2/ 1203 (دفأ)، وهذا يؤكد نقله من التهذيب لا المعاني، وانظر: (دفأ) في "مقاييس اللغة" 2/ 287، و"الصحاح" 1/ 50، و"اللسان" 3/ 1393.
(¬4) انظر: (دفأ) في "المحيط في اللغة" 9/ 369، و"مقاييس اللغة" 2/ 287، و"الصحاح" 1/ 50، و"اللسان" 3/ 1393, و"عمدة الحفاظ" 2/ 13.
(¬5) ورد في "تهذيب اللغة" (دفأ) 3/ 120 بنصه، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 19/ 227.

الصفحة 13