كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

البغال والحمير؛ لأن القصد بهذه الآية بيانُ إباحةِ الركوب وإظهار المنّة بأنْ خَلق لنا من الحيوان ما نقضي عليه حوائجنا ونتجمَّل به، وكيف تدل على تحريمها والسورة مكية؟ ولحوم الحُمُر الأهلية حُرِّمت عام خيبر (¬1)، فلو دَلَّت على تحريم لحم الخيل لَدَلَّت على تحريم لحم الحُمُر حتى (¬2) تُحَرَّم عند نزولها, ولحوم الخيل حلال بالسنة والأخبار فيها كثيرة (¬3).
¬__________
(¬1) وقد وردت عدة أحاديث في ذلك، منها: ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المتعة عام خيبر وعن لحوم حُمُرِ الإنسيَّةِ. (أخرجه البخاري (5523) كتاب: الذبائح والصيد، باب: لحوم الحمر الإنسية (5/ 2102، ومسلم (1407) كتاب: الصيد والذبائح، تحريم أكل الحمر الإنسية، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر. رواه البخاري (5521)، ومسلم (561).
(¬2) هكذا في جميع النسخ، والعبارة مضطربة، فلعل (حين) تصحفت إلى (حتى)، وبها يستقيم السياق.
(¬3) وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وقد استدلوا على إباحته بما رواه الشيخان عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخص في لحوم الخيل، وفي رواية مسلم: وأذن في لحوم الخيل. (أخرجه البخاري (5520، 5524): الذبائح، باب: لحوم الخيل، ومسلم (1941): الصيد والذبائح، باب: في أكل لحوم الخيل، واستدلوا أيضًا بما روته أسماء -رضي الله عنها- قالت: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلناه. (أخرجه البخاري (5520، 5519) كتاب: الذبائح والصيد، النحر والذبح (1942)، ومسلم (1942): الصيد والذبائح، في أكل لحوم الخيل (3/ 1541)، والمشهور عن الحنفية والمالكية تحريمه، وروي عنهما الكراهة، والقول بالإباحة هو الراجح؛ لصحة أدلته وصراحة دلالتها، ومع أن الشرع يُجوِّز أكله فإن أكله غير مشهور في بلاد المسلمين اليوم، ولعل سبب ذلك استخدامه في المعارك العسكرية في الأجيال السابقة، لذلك لم يألف الناس أكله ولا بيعه ولا تسويقه لذلك الغرض.
انظر: "بداية المجتهد" 1/ 469، و"شرح الزرقاني" (3/ 91، و"حاشية الرهوني =

الصفحة 20