الأساطيرُ خبر من غير أن يُقِرُّوا بالإنزال على الوجه الذي ذكرنا، وهذا معني قول أبي إسحاق، أي الذي يذكرون أنه منزل أساطير الأولين.
25 - قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ} الآية، اللام في {لِيَحْمِلُوا} لام العاقبة، وهم لم يقولوا للقرآن: أساطير الأولين، ليحملوا الأوزار؛ ولكن لما كانت عاقبتهم ذلك بهذا القول، جاز أن يقال: فعلوا ذلك له؛ كقوله عز وجل: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8]، وهم لم يلتقطوا لذلك، وكما قال النابغة:
جاءت لِتُطعِمَه لحمًا ويَفْجعها بابن ... فقد أطعمتْ لحمًا وقد فَجعا (¬1)
يعني بقرًا جاءت مع عجلها للرعي، فوقع الذئب على عجلها فأكله، فزعم أنها جاءت لذلك، وهي لم تجئ له.
قوله تعالى: {كَامِلَةٌ}، قال صاحب النظم: أي أن غيرهم لا يحمل عنهم من أوزارهم شيئًا، ويجوز أن يكون المعنى: أنهم لا يُكفَّر عنهم شيء من ذنوبهم بما يصيبهم في الدنيا من نكبة وبلية كالمؤمنين (¬2)؛ لأنهم (¬3) كفار، فهم يرِدون الآخرة بما اكتسبوا من الآثام كلها.
¬__________
(¬1) لم أجده في "ديوان النابغة"؛ لا الجعدي ولا الذبياني، ولم أقف عليه في المصادر.
(¬2) في هذا المعنى روى البخاري (5641)، (5642) في المرض , باب ما جاء في كفارة المرض، ومسلم (2573) في البر والصلة والآداب، ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يصبب المؤمن من نصبٍ ولا وصب، ولا همّ ولا حزَن، ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّرَ الله بها من خطاياه"
(¬3) في (د): (فإنهم).