كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وقوله تعالى: {بِهِ} قالوا: بالقرآن نافلة لك، معنى النافلة في اللغة: ما كان زيادة على الأصل، ذكرنا هذا في قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}، ومعناها أيضًا في هذه الآية: الزيادة.
قال مجاهد: النافلة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- خالصة؛ من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل سوى المكتوبة فهي نافلة له، من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، فهي نوافل له خاصة وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتهم فليس لهم نوافل (¬1).
وقال السدي: نافلة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة؛ لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وليست لنا بنافلة لكثرة ذنوبنا إنما نعمل لكفاراتها (¬2)، وهذا قول أكثر المفسرين.
¬__________
(¬1) أخرجه "الطبري" 15/ 143 بنصه، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 487 بنصه تقريبًا، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 184، بنحوه، و"تفسير السمرقندي" 2/ 280 مختصرًا، و"الثعلبي" 7/ 117 أ، بنحوه، و"الماوردي" 3/ 264 مختصرًا، و"الطوسي" 6/ 512 مختصرًا، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 356 وزاد نسبته إلى ابن المنذر ومحمد بن نصر، ولم ير الطبري هذا القول، ورده وحكم عليه بالفساد، وقال: لا معنى له؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر عنه- أكثر ما كان استغفارًا لذنوبه بعد نزول قول الله عز وجل: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وكان يعد له في المجلس الواحد استغفار مئة مرة، ومعلوم أن الله لم يأمره أن يستغفر إلا لما يغفر له باستغفاره ذلك. ا. هـ. نعم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الاستغفار، لكن لا على أنه استغفار من الذنوب كذنوبنا، بل كما قال: "إنه ليُغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم (2702) كتاب: الذكر والدعاء، باب استحباب الاستغفار، قال ابن الأثير: الغين: الغيم، أراد ما يغشاه من السّهو الذي لا يخلو منه بشر؛ لأن قلبه أبدًا كان مشغولًا بالله تعالى. "النهاية" 3/ 403.
(¬2) انظر: تفسير الفخر الرازي" 21/ 30، بنحوه، و"أبي حيان" 6/ 71.

الصفحة 441