كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وفي القول الذي عليه الناس معنى قوله: {يَبْعَثَكَ} يقيمك في ذلك
__________
= يثبت إسناده، وإنما هذا شيء قاله مجاهد. كما أن له شاهدًا آخر من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في "الكبير" 12/ 61 - بنحوه، من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن ابن جبير عن ابن عباس، وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 51 وقال: وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف إذا لم يتابع، وعطاء بن دينار قيل لم يسمع من سعيد بن جبير.
أما أثر مجاهد فقد أورده الذهبي في "العلو" ص 94 وقال: لهذا القول طرق خمسة، وأخرجه ابن جرير في تفسيره، وعمل فيه المروزي مصنفًا. وفي سند الطبري ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف مختلط- كما في "ميزان الاعتدال" 3/ 420، وهذا الأثر مما أُنكر على مجاهد حتى قُرن في ترجمته، قال الذهبي في ترجمة مجاهد في "ميزان الاعتدال" 4/ 359: ومن أَنْكَر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: يُجلسه معه على العرش. وقال ابن عبد البر: مجاهد وإن كان أحد الأئمة بالتأويل، فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما هذا القول، والثاني في تأويل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] قال: معاه تنتظر الثواب. انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 311، و"أبي حيان" 6/ 72، والشوكاني 3/ 360.
فالحديث باطل لا يثبت لا من جهة الخبر ولا النظر، والأغرب من قول الطبري تشبث بعض المحدثين بهذا الخبر والمبالغة في قبوله إلى حد الغلو، فقد ذكر الذهبي في "العلو" ص 100 - 101 - 117 - 118 أن بعض المحدثين قال: لو أن حالفًا حلف بالطلاق ثلاثًا أن الله يقعد محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على العرش واستفتاني، لقلت له: صدقت وبررت! وعقب الذهبي قائلاً: فابصر -حفظك الله من الهوى- كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر .. ، وذكر النقاشر عن أبي داود السجستاني أنه قال: من أنكرَ هذا الحديث فهو عندنا متهم، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا. انظر: "تفسير ابن عطية" 9/ 171، و"القرطبي" 10/ 311، و"أبي حيان" 6/ 72، و"تفسير الماوردي" 3/ 265 حاشية رقم (449)، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (865) 2/ 255.

الصفحة 446