كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وروى شِبْل عن مجاهد: بَعُدَ مِنّا (¬1)، وقال عطاء: تَعَظَّم وتَكَبَّر (¬2).
وقال أهل المعاني: بَعَّد نفسه عن القيام بحقوق نعم الله -عز وجل- (¬3)، ومعني. النَّأْي في اللغة: البُعْد، ونَأَى الشيءَ إذا بَعّده (¬4)، وذكرنا الكلام في النَّأْي عند قوله: {وَيَنْئَوْنَ عَنهُ} [الأنعام:26] , ومعنى {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} كمعنى أعرض، وفيه زيادة معنى البعد، وفي قوله: {وَنَأَى} وجوه من القراءة؛ أحدها: وهو قراءة العامة (نَئَا) بفتحتين (¬5)، وقرأ ابن عامر (نآء) مثل بَاعَ (¬6)، وهذا على القلب، وتقديره: فلعَ (¬7)، ومثل هذا في القلب: رأى وراءَ، قال كثير:
وكلُّ خليلٍ راءني فهو قائلٌ ... مِن أجلِكِ هذا هامَةُ اليومِ أو غَدِ (¬8) (¬9)
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير ابن كثير" 3/ 67.
(¬2) ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 119 أ، بنصه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 123، و"تفسير ابن الجوزي" 5/ 80 بلا نسبة.
(¬3) ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 514، بنصه، انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 321.
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" (ناء) 4/ 3472، و"المحيط في اللغة" (نأى) 10/ 419، و"اللسان" (نأي) 7/ 4314.
(¬5) قرأ بها: ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص وغيرهم. انظر: "السبعة" ص 384، و"علل القراءات" 1/ 327، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 382، و"الحجة للقراء" 5/ 115، و"المبسوط في القراءات" ص 230.
(¬6) انظر المصادر السابقة.
(¬7) أي مقلوب الميزان فعل: فلع.
(¬8) "ديوانه" ص 133، وورد في "الكتاب" 3/ 467، و"الكامل" 2/ 806، و"الحلبيات" ص 47، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 202، و"اللسان" (هوم) 8/ 4723، (رأى) 3/ 1545، (هامةُ اليوم أو غد): كناية عن اقتراب المريض من أجله؛ أي سيموت أليوم أو غدًا، وذلك من تأثير الشوق والحزن فيه، وأصل الهامة: طائر يخرج من رأس الميت -كما تزعم العرب. والشاهد: راءني يريد رآني، ولكنه قلب فأخّر الهمزة.
(¬9) ورد في"الحجة للقراء" 5/ 117، بنصه.

الصفحة 455