كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

عن ابن الأعرابي في قوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا} [النمل: 50] قال: دبروا (¬1)، والمراد في هذه الآية (¬2) تدبيره في بناء الصرح لقتال أهل السماء.
وقوله تعالي: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ}، أي: أتى أمرُ الله، وهي الريح التي خربتها وحركتها، وهو ما ذكر المفسرون؛ أن الله تعالى أرسل ريحًا فألقت رأس الصرح في البحر وخَرَّ عليهم الباقي (¬3)، فأمْرُ الله الذي أتى البنيان يجوز أن يكون الريح، ويجوز أن يكون أمره للبنيان بالانهدام، فالآية من باب حذف المضاف؛ وحذف المضاف هاهنا للتهويل والتعظيم، وقد سبق بيان هذا في قوله: {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 210]، والبنيان اسم للبناء.
وقوله تعالى: {مِنَ الْقَوَاعِدِ} قال أبو إسحاق: أي من أساطين البناء التي تَعْمِده (¬4)، وذكرنا معنى القواعد للبناء في سورة البقرة [127].
وقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}، أي: سقط عليهم البيوت؛ على أصحاب نمرود (¬5)، وذِكْر {مِنْ فَوْقِهِمْ} ليدل أنهم كانوا تحته، إذ (¬6) يقول القائل: تهدمت عليّ المنازل، ولم يكن تحتها، هذا قول
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) في (أ): (الأمة) والمثبت هو الصحيح، كما في باقي النسخ.
(¬3) انظر: "تفسير البغوي" 5/ 16، عن كعب ومقاتل، والزمخشري 2/ 326، وابن عطية 8/ 399، وابن الجوزي 4/ 440، و"تفسير القرطبي" 10/ 97، والخازن 3/ 112، فيهما عن كعب ومقاتل.
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 195، بنصه.
(¬5) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 2/ 355 بمعناه عن قتادة، والطبري 14/ 97 - 98 بمعناه عن قتادة ومجاهد ورجحه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 63، عن مجاهد، و"تفسير الثعلبي" 2/ 156 أ، بنحوه، و"تفسير الماوردي" 3/ 185.
(¬6) في جميع النسخ: (إذا)، والمثبت هو الصحيح المناسب للسياق.

الصفحة 46