واختلفوا في الروح المسؤول عنه؛ فقال علي بن أبي طلحة: هو مَلَك (¬1)، وهو قول علي -رضي الله عنه- قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يُسَبّح الله -عز وجل- بتلك اللغات كلها، يخلق الله من كل تسبيحة ملكًا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة (¬2)، ونحو هذا قال سعيد بن جبير، قال: ولم يخلق الله خلقاً أعظم من الروح غير العرش، لو شاء أن يبلع السموات السبع والأرضين السبع ومن فيها بلقمة واحدة لفعل، وهو المذكور في قوله -عز وجل-: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} (¬3) [النبأ: 38].
وقال الحسن وقتادة: هو جبريل (¬4)، قال أبو إسحاق: ومن تأول ذلك
¬__________
(¬1) أخرجه عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة "الطبري" 15/ 156، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 462.
(¬2) أخرجه "الطبري" 15/ 156 بنصه، وابن الأنباري في "الأضداد" ص 423، بنصه، وأبو الشيخ في "العظمة" ص 194، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 462، بنصه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 119 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 269 - بنحوه، و"الطوسي" 6/ 515، بنحوه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 361 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، والأثر ضعيف، لجهالة أحد الرواة، وهو شيخ أبي هران الذي لم يسم، حيث قال: ... حدثني أبو هران يزيد بن سمرة القيساري عمن حدثه عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: الحديث. وقال ابن عطية: وما أظن القول يصحُّ عن علي -رضي الله عنه-، وقد ضعفه الفخر الرازي -كذلك- من عدة وجوه، وقال ابن كثير: وهذا أثر غريب عجيب. انظر: "تفسير ابن عطية" 9/ 181، و"الفخر الرازي" 21/ 39، و"ابن كثير" 3/ 69.
(¬3) ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 120 أمطولاً، وانظر: "البغوي" 5/ 125، و"الخازن" 3/ 179، وقد ورد في هذا الأثر أشياء غيبية غريبة لا يصح الاقول بها إلا بخبر صحيح عن المعصوم، وهو ما لم أقف عليه، وحسبك لرده أن مصدره الثعلبي!
(¬4) أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 388 بلفظه عنهما، و"الطبري" 15/ 156 بلفظه عن =